الجمعة، 6 مايو 2016

حلم | Ran Mouri


قصة قصيرة
فئة حلم
بدأت يومها في الصباح الباكر المشرق عندما سطعت أشعة الشمس الدافئة وأنارت الدنيا بأشعتها . وزقزقت العصافير بصوتها الجميل وحنجرتها الذهبية . أفاقتْ الفتاة على صوت منبهها في تمام الساعة 7 صباحاً، لم تصل لأنها صلت الفجر في وقته . تناولت طعامها بعدما استقبلتها أسرتها المكونة من أم متفهمة حنون وأب متفهم وعادل ، وأخ رباه والده على احترام الفتيات وحسن معاملتهن عملاً بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام : " رفقاً بالقوارير " وعدل الأب بين ابنيه بل ربما دلل ابنته أكثر لرقتها ولأنها أصغر أفراد العائلة . ارتدتْ الفتاة بنطالها وسترتها وحجابها وذهبت للجامعة . في طريقها للجامعة قابلت فتياناً كانوا يمرحون ويمازحون بعضهم وعندما رأوها توقفوا وخجلوا مما يفعلون وابتعدوا عن طريقها وتركوها خشية أن يعاقبهم الله في أخواتهم إذا أزعجوها ، بل دافعوا عنها - عندما حاول رجل سكير يسكن بالحي ويعود دائماً من الحانة في الصباح ليتحرش بفتيات المدرسة والجامعة اللاتي يسرن في الشوارع المؤدية للمدرسة أو الشوارع المؤدية لمحطة الحافلات في هذا الوقت - وأوقفوه وأبعدوه عن طريقها وأمنوا طريقها حتى اختفت عن أنظارهم فبادلتهم قبل اختفائها ببسمة ونظرة تعني " شكراً " وذهبت في طريقها .
وركبت عربة صغيرة " توكتوك " وكان السائق محترماً ولم يزعجها أو تهتز العربة لأن الشوارع كانت مستقيمة وغير وعرة ، أعطته نقوداً ترضيه فشكرها وشكرته في نفس الوقت وشكر ربه وتأكد من أنه أوصلها لوجهتها ثم تركها بعدما شعر أنها في أمان . وصلت لمحطة الحافلات ، فحاول بعض الشبان الجامعيين الطائشين إزعاجها ، فما كان من رجال الشارع إلا أن اجتمعوا فور سماعهم استغاثتها ، بل اجتمعوا حتى قبل أن تصرخ عندما رأوا أولئك الشباب يحومون حولها ، هبَّ الرجال لمساعدتها وعنَّفوا الشبان ووبخوهم وتمكنوا من الوصول لأهالي الشبان وأخبروا أهلهم بما كانوا ينوون فعله من أذية الفتاة ، فعاقبهم أهلهم واعتذروا للفتاة ثم دفعوا لها ثمن تذكرة الحافلة كتعويض لها رغم تمنعها ورفضها ، ووعدها الشبان ألا يعترضوا طريقها أو طريق غيرها مرة أخرى كيلا يعاقبهم أهلهم . تمكن أهل المنطقة المحيطة بالمحطة من معرفة أهالي الشبان بسرعة ؛ لأن أولئك الشبان يسكنون قرب المحطة ، لذلك حضر الأهالي بسرعة ليعتذروا نيابة عن أولادهم . ركبت الفتاة الحافلة وكانت مقاعد الحافلة ممتلئة ولا مكان شاغر لها ، فرآها شاب جالس فشعر بالخجل من نفسه فنهض وأجلسها ، فشكرته كثيراً ؛ لأن طريقه أبعد من طريقها ، وعندما وصلت لمحطتها المطلوبة نهضت وأجلست الشاب مكانها وشكرته مرةً أخرى . نزلت من الحافلة واتجهت لمحطة قطار الأنفاق - المترو - لم تكن المحطة مزدحمة جداً فجلست مكانها ، مرت محطة وانفتح الباب ، فرأت سيدات عجائز يدخلن ، نهضت هي وغيرها ليسمحن للعجائز بالجلوس . وصلت للمحطة المطلوبة وحضرت محاضراتها بالجامعة ، كان الشبان والشابات محترمين جداً عدا قلة منهم كانوا منبوذين بسبب قلة أدبهم . عادت مساءً لمنزلها ، وكانت الساعة الثامنة مساءً ، وقبل أن تعود صعدت لحافلة مزدحمة ، فسُرِقَتْ محفظتها وبها النقود ، وعندما كان دورها لتدفع ثمن التذكرة فوجئت بعدم وجود المحفظة وبكت بشدة ، فأعطاها أحد الرجال ثمن التذكرة شكرته كثيراً ، وهدأوا من روعها ، ثم تعرفوا على اللص وأعادوا إليها محفظتها وضربوه علقةً ساخنة وأمسكوا به وسلموه للشرطة . حاولت الفتاة إعطاء الرجل ثمن التذكرة التي دفعها لها ، رفض بشدة وقال لها : " أنتِ مثل ابنتي ، وأنا أعلم أن الله عز وجل سيردها لي في ابنتي " . نزلت من الحافلة عندما وصلت لوجهتها ، فوجدت الشوارع تعج بالرجال اللذين يحمون الفتيات ، وبرجال الشرطة كذلك . نامت هنيئة مطمئنة دون خوف ، فهناك من يحميها . ولكن يا للأسف استيقظت ، لتجد أنها كانت تحلم وأن كل ذلك لم يكن سوى حلم جميل ! وأن الواقع هو عكس كل ما جرى تماماً للأسف ... فأفاقت باكية ، وبدأت يومها الاعتيادي المخيف وتمنَّت لو أن حلمها يتحقق أو ألا تحلم ثانيةً بهذه المدينة الفاضلة الأفلاطونية الخيالية ثانيةً ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيس بوك

آخر التعليقات

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *