قصة قصيرة (ضجر،موت
بعنوان "بعد أن اعتدت"
مر شريط
ذكرياتي أمامي سريعا لأعود وارى نفسي فتاة في مقتبل العمر طالبة في الثانوية
العامة فتاة لم تنضج بعد لم تغادرها براءة الأطفال لا تحمل أي هموم ولا مسئوليات
لتجد نفسها فجأة متزوجة ومسئولة عن بيت تديره وتدبر شئونه ، لا تسألونني كيف حدث
ذلك ولا متى أنا حقا لا ادري كل ما اذكره هو موافقة أهلي على زواجي ولم أكن املك
حتى حق الاعتراض ستتهمونني بالضعف والتخاذل في حق نفسي ولكن انتم لم تعيشوا حياتي
فالكلمة والرأي للعائلة العائلة وفقط وبالنسبة لنا كان رأي العائلة متمثلا في رأي
عمي الأكبر حتى أبي لا يجرؤ على عصيان أوامره فهو بمثابة الأب له وليس مجرد أخ،
وهكذا وجدت نفسي زوجة في الوقت الذي كان فيه صديقاتي على أتم الاستعداد لخوض
الامتحانات والتخطيط لمستقبلهن الذي لم تظهر بوادره بعد أما أنا فقد بدأ مستقبلي
وانتهى الأمر لم اترك الدراسة ولكن لم يعد يعنيني الأمر تزوجت ولم اعرف حتى إن كنت
أحببته أم لا لكن فكرة إجباري على الزواج جعلتني انفر منه ولا أتقبله فشعوري
بالعجز والضعف لا يوصف شعرت وكأنني قطعة أثاث يتم نقلها من بيت إلى آخر وبدأت
حياتي معه كنت اكرهه فهو من أخذني من حياتي
وحرمني من أن
أعيش حياتي كبقية صديقاتي وكانت حياتي الجديدة غريبة علي وغير مستحبة فقد كنت أعامل
زوجي بجفاء وانظر إليه نظرات عتاب وتأنيب فهو من صنع لي تلك الحياة التي لم أتمنها
قط هو لم يسئ معاملتي يوما كان يصبر علي جفائي ويتحملني كان يود أن يعيد الي بسمتي
التي فقدتها كان يريد أن يلفت أنظاري إلى أن حياتنا معا ليست بذلك السوء الذي أراه
ولكنني كنت أقاوم بداخلي أي مشاعر تتسلل إلى قلبي تجاهه كنت أقاوم بشتى الطرق
وانتهت امتحانات الثانوية العامة ونجحت لألتحق بعدها بإحدى كليات القسم الأدبي
ولكنني فوجئت بكوني حامل في الشهر الثاني لم أتمالك نفسي بكيت وانهرت وشعرت بأن كل
آمالي تتحطم أمامي وبأنه بات يربطني بهذا الشخص رباط لا يمكن الخلاص منه أبدا
وبدأت انظر لصديقاتي من تعيش قصة حب ومن منشغلة بدراستها وطموحها وأنا مجرد زوجة
بائسة لم تختار زوجها وأرغمت على الزواج منه وبعد عدة أشهر سأصبح أم كيف وأنا نفسي
احتاج إلى أمي مرت شهور حملي صعبة للغاية وأصبحت عصبية أكثر من اللازم لكن كل هذا
تغير عندما حملت طفلتي لأول مرة بين يدي شعور لا يوصف شعرت برجفة تسري في بدني
شعرت كأنني ولدت من جديد ونسيت كل آلامي وهمومي
بدأت حياتي
تتغير تدريجيا بوجود ابنتي فقد كرست كل وقتي لها حتى أنني تركت دراستي وبدأت ابنتي
تقرب بيني وبين زوجي وبدأ غضبي تجاهه يقل شيئا فشيئا فهو من أهداني أغلى شيء في
حياتي ابنتي العزيزة وبدأ الحب يتسلل إلى قلبي لقد أحببت زوجي ولم اعد أقاوم حبه
بدأت اضحك من جديد وارسم حياتي بشكل آخر اسعد فيه زوجي وابنتي مرت سنتان وأنا أحاول
أن أعوض زوجي عن كل ما بدر مني تجاهه وبدأت اعتاد حياتي معه وأحبها وأغدق هو علي
من حبه وحنانه وكان نعم الأب لابنتنا وأهداني زوجي هديته الثانية لأنجب بعد أربعة أعوام
من زواجنا ابني الثاني لتكتمل فرحتي به وليمتلأ البيت بالسعادة والحب شعرت وكأن
الحياة تعطيني فرصة لاحيا من جديد وأنها بدأت تبتسم لي ولكن كم كنت ساذجة حين
اعتقدت ذلك أفقت من شرودي لأجد من يواسيني ويصبرني على ما أنا فيه ولكن بما تفيد
المواساة وقد أصبحت أرملة وأنا في العشرينات من عمري فقد رحل من كان يواسيني مات
زوجي وتركني بعد ولادة ابني بستة أشهر رحل دون أن يودعني دون أن يخبرني كيف سأحيا
من دونه كيف سأتكفل بتربية أبنائنا شعرت بالحسرة وبكل خيبات الأمل فحتى دراستي
تركتها الجميع يبدأ حياته وأنا حياتي توقفت لما الحياة قاسية معي هكذا
لما أرغمتني
على القبول به لما أخذته مني الحياة بعدما أحببته واعتدت عليه ليتني لم أحبه ليتني
ما عرفته ولا تزوجته شعرت بالحنق والضيق تجاه أهلي وأنهم من دمروا حياتي ولكنني
تذكرت انه القدر وعلي أن أرضى به ثم نظرت لأجد أبنائي حولي احتضنتهم بشدة بكيت
وبكيت وبكيت وأدركت أن تلك هي رسالتي وما أعظمها من رسالة لقد ترك لي زوجي قبل
رحيله أجمل هدية ويجب أن أحافظ عليها سأعيش لأجل أبنائي سأكرس حياتي لهم لهم وفقط.
Rose spring
وسام عبد العاطي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق