الجمعة، 6 مايو 2016

موت | Mona Mohammed



قصة قصيرة "موت"
لأول مرة أشعر بثقل الكلام على لساني وبأني بحاجة إلى من يحركه معي
مهمة أصعب ما تكون على أحد حين يكون عليك أن تخبر أحدهم بأن أعز شخص لديه قريب من الموت 
مهمتي صعبة للغاية .. تعب رأسي من تجريب طرق شتى لإخبار أعز صديقاتي بخبر كهذا 

تخيلت ردة فعلها .. تخيلت نظرتها إلي إذا ما أخبرتها بما علمت ..أيا ليت الأرض تبتلعني أيا ليت أحدا  غيري مكاني الآن 
ليس أمامي سوى الحقيقة.. هي حتما ستعلم وإذا اكتشفت أنى كتمت عنها شيئا كهذا فلن تعرفني بعدها مطلقا

وبرغم كل ما جربت برأسي إلا أنني اهتديت في النهاية لطريقة واحدة لإخبارها.. أمسكت بيديها وأقنعتها بالذهاب معي
وبأسرع مما تخيلت ..وصلت السيارة ،فإذا نحن أمام المستشفى كل هذا وعيناها مليئة بعلامات الاستفهام عن مجيئنا إلى هنا وبهذه الطريقة 
وأنا لا أجيب إلا ب : هتعرفى دلوقتى
وعند بوابة المستشفى توقفت وابتلعت ما تبقى من ريق في حلقي واستجمعت شجاعتي : فيه حد نعرفه عمل حادثة
لسانها كان صامتا لكنني سمعت عيناها جيدا :اللى يخليها تجيبنى بالطريقة دى وهنا .. مش هيبقى غير لحد نعرفه ونعرفه كويس وهو أنا أعرف غير...
نظرت إلى وعيناها تترجى بكل شيء ألا أخبرها بأنه هو 
كم كانت قاتلة نظرتها وكم كنت لا أريدنى ،وبنبرة حادة وضعيفة وبلهجة تهديد واستعطاف سألتنى : (مين اللى عمل حادثة)
وما كان سؤالها إلا جوابا
فما كان منى إلا أن نطقت باسمه ،فإذا بمدينة أمامي قد انطفأت وتحطمت وهزمت في صراع الشك وسلمت بالمصيبة
أسرعت ببصرها إلى المبنى ثم نزلت به إلى قدميها فعلمت بأنها لن تستطيع .. أمسكت بيدها وهى تجر قدميها جرا وبين الخطوة والخطوة أحسستها أنا.....سنون عذاب
وأخيرا .. أمام غرفته .. 
من خلف النافذة الزجاجية وصوت يذبح ما تبقى من أمل لديها : (ممنوع الزيارة)
هى : (ممنوع الزيارة ؟!! للدرجة دى وصلت حالتك ؟! للدرجة دى انت بتعانى وانا ما حسيتش معاناتك دى ؟!
ليه ما قولتليش انك هنا؟!
ليه اتحرم من حق الدخول ليك؟!
ليه كل الأسلاك دى حواليك ؟!
ازاى سايبينك عريان كدة والجو برد؟!
وانت مش بتبصلى ليه ؟!.. انا جيت !! .. انا هنا !!
طول الوقت اللى فات وانت واحشنى و بستنى اليوم اللى اشوفك فيه .. ماكنتش اعرف انى اول ما هشوفك بعد الغياب دة هشوفك وانت كدة
مش انت اللى جيتلى واترجيتنى عشان اسامحك وارجعلك ؟!
ماكنتش تعرف انى مش زعلانة منك عشان اسامحك وانى كنت هرجع لوحدى لأنى... مااقدرش أعيش من غيرك )

وأغشى عليها

ثم لم تمر عشرون دقيقة إلا وعيناه قد فتحت للحياة من جديد ،وصوت الطبيب : (لقد رحلت مرحلة الخطر)
و ........
رحلت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيس بوك

آخر التعليقات

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *