الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016



مسابقة تحدي الإلهام والإبداع 
فاطمة طم طم 
أجنة للبيع- فرح بدون فرحة
في إحدى قرى الصعيد كانت هناك سيدة علمت باقتراب موعد ولادتها ووضع مولودها الذي تنتظره، وعند الولادة أخبرها الطبيب بأنها وضعت أنثى لم يبتسم ثغرها إطلاقا وظلت تبكى هدأها الطبيب وأخبرها أنه يجب إحضار زوجها لإخباره بهذا الخبر وكانت الصدمة الأكبر لهذا الزوج البائس الذي كان ينتظر مولودا ذكرا كي يحمل اسمه بعد وفاته وأنه سئم وجود الإناث بالمنزل، فهو أب لثلاث بنات وكان ينتظر ذلك المولود بشدة لعله يكون ذكرا،ولكن كان ذلك قدره لم يستطع تحمل ذلك الأمر كثيرا، فدلف بزوجته خارج المشفى وقام بتهديدها إذا لم تتخلص من هذه البنت فسوف يطلقها ويتركها أو يقتلها، فهو رجل ذو سلطة بهذه البلدة ورغم وجهه السمح، إلا أنه يحمل تحت طيات وجه ظلما وقسوة ويستطيع فعل أي شيء بها، وقام بتوعدها أنها لن تدخل منزله إلا بعدما تتخلص من هذه البنت
فلم تستطع فعل اى شيء، فذهبت بابنتها الصغيرة تحملها بين يديها وتبكى وأخذت تسير بالطرقات تسلك طريقا تلو الآخر  تبث حزنها  في الطريق و تنام على الأرصفة، ثم قررت أن تفعل ما يطلبه زوجها و التخلص من ابنتها فقررت أن تضعها بإحدى دور الأيتام
******"**************
كان على الصعيد الآخر
أحمد وأمل اللذان فقدا الأمل في الإنجاب فبعد عودتهما من عند الطبيب كان احمد يهدئ أمل زوجته واضعا يده فوق كتفيها قائلا:
_
متزعليش يا أمل دة امر ربنا وقضاءه أوعى تقنطي من رحمته
قالت امل وهى تكفكف دموعها:
_
انا مش بعترض على امر ربنا بس كان نفسى اجيب عيال يشيلو اسمك يا احمد
بدا على وجه نظرات الحزن ولكنه حاول اخفائها قائلا:
_
انا كفايه عليا وجودك يا امل مش عايز حاجه تانيه
ترقرقت دمعه اخرى بعينيها قائله:
_
اوعى تتجوز عليا يا احمد عشان معرفتش اجبلك ابن او بنت تفرح بيهم
رفع إليه رأسها ماسحاً دموعها بيديه قائلا:
_
ازاى اقدر اخلى حد تانى يقاسمنى حياتى انا حياتى اكتملت من يوم ما عرفتك ومقدرش اخلى حد تانى يدخلها اوعى تفكرى كدا ومش البنت ولا الولد اللى هيخلونى اتمسك بيكى انا مكتفى بيكي عن اى حاجه ف الدنيا خليكى واثقه من كلامى
ارتمت بين ذراعيه متمتمة بصوت خفيض مكتوم بالدموع
_
ربنا يخليك ليا يا احمد
لف ساعديه وراء ظهرها متجهاً بها إلى الغرفه قائلا:
_
يالا ننام عشان انتى تعبانه
هززت رأسها موافقه واستعدا للنوم، ولكن كل منهم ملىء بالافكار ،فاحمد يفكر كيف يسعد امل ويجعلها تترك تلك المخاوف عن طريقها ،وامل تفكر ماذا يحدث بعد الان وبينما هى غارقه في افكارها ذهب احمد في سُبات تام لكن مازالت امل تفكر واثناء تفكيرها أضاء بذهنها فكرة قد تسعدهم فكرت بالذهاب إلى أحد دور الأيتام لتتبنى ابناً او بنتاً فهى تريد أن تشعر بأنها أم و لو شعورً مزيفاً وبالصباح الباكر استيقظ احمد ليجد أمل على غير العادة قد استيقظت منذ فتره وجهها مشرق تقوم بإعداد الفطور بسعادة مفرطة وعندما رأته يدلف خارج الغرفة يجفف وجهَهُ بالمنشفة اتجهت نحوه مسرعه وأخذت تُقبله ساحبه اياه من يديه وتُجلسه على الكرسى لتطعمه بيدها  ابتسم ثغره ابتسامه واسعه قائلا:
_
مالك انهارده ايه النشاط دة كله
ابتسمت وعقدت ساعديها أمام صدرها قائلة:
_
بحب جوزى وعايزاه يروح شغله مبسوط وشبعان فيها حاجة دى
رفع كلتا يديه لاعلى باستسلام مصطنع قائلا:
_
أسفين يافندم..بس قوليلى ايه سبب التغير المفاجىء دة
تنحنحت بخجل وصوتها ينخفض رويداً رويداً قائله:
_
أحمد انا نفسى اجرب احساس الام ولو بالكذب
عقد حاجباه بعدم فهم فأردفت قائله:
_
يعنى فيها ايه يا أحمد لما نروح دار أيتام نتبنى طفل ونضمه لينا يعيش معانا ونتولى رعايته، بدت على وجههُ علامات عدم الاستيعاب وظل يحدق بعينيها ثم تزوغ عيناه يمينا ويسارا مُفكراً، وهى تتصبب عرقاً خوفاً من رفضه لهذا الاقتراح
ثم بعد بُرهة من الوقت والتفكير شَقَ طريقاً لشفتيه لتبتسم وقد تبدلت ملامحه سعادة ثم كسر حاجز الصمت قائلا:
_
فكره حلوة جدا مقولتيهاش من زمان ليه بدل التوتر اللى عايشينه
اخذت تقفز كالأطفال مُهلله مُمسكه برقبته وهى تقول
_
بجد يا احمد بجد موافق
انتزع يدها بمرح قائلا:
_
ايوة طبعا بجد بس حاسبى ايدك دى كنتى هتقتلينى
قهقهت وهى تُقبله قائله:
_
انت اعظم راجل ف الدنيا
أردف قائلا:
_
وانتى اعظم زوجه ف الوجود وشوفى دار ايتام معروفه اليومين دول لحد يوم اجازتى
وتركها مودعاً إياها وهى سعيده تقوم ببعض الاتصالات لمعرفه دور الايتام بالقرى
وبالفعل وجدت دار أيتام معروفه وانتظرت حتى يأتى معها أحمد
وجاء اليوم الذى حددته مع زوجها ومع رؤساء الدار
******************
أثناء طريقهم اتفقت أمل مع احمد بأن يوافق على طلب تطلبه الدار واتفقت معه أيضا أنها تريد ابنه وليس ابن وقَبِل أحمد بشروطها.
وعندما وصلا الدار وجدا سيدة تبكى أمام باب الدار حاملة طفلة بين يديها اتجهت أمل إليها لتسألها عما بها ،سردت لهم قصتها وأخبرتهم بوعيد زوجها لها وأنها أتت كي تضع ابنتها هنا لتتخلص منها، تبادلا النظرات بعدم تصديق واستيعاب، وحاولا أن يقنعاها بأن تعود عن قرارها، لكنها كانت مصرة وحاسمة أمرها فنظر احمد لأمل وقد جالت بخاطرهما نفس الفكرة وبدأ الأمل يشع بعيونهم فنظرت أمل لأحمد بتساؤل عن ما يدور بذهنهما فحرك احمد رأسه موافقة عما تفكر به
فقطعت أمل حاجز الصمت قائلة للسيدة:
_
احنا هنا عشان نتبنى طفلة من جوا عشان ربنا ما اردش انه يرزقنا بأطفال بس بدل انتى جاية تدخلي بنتك الدار هنا فإحنا ممكن ناخدها منك بالفلوس اللي تطلبيها.
صمتت لحظات ثم التفتت إليهم قائلة:
_
هتدفعوا أى حاجه أطلبها 
حرك الاثنان رأسيهما موافقة 
وقام ثلاثتهم بالاتفاق وحملت أمل الطفلة بين يديها وتقبلها وهى لا تصدق وتدمع عيناها فرحاً وهى تنظر للرضيعة التي بين يديها التي تضع أحد أصابعها بفمها بشكل طفولي جميل، وقام احمد بأخذ تلك السيدة ودفع لها ما طلبته من نقود وأخذاها دون النظر لعواقب الأمور، ودون إبلاغ القوى الأمنية بما حدث واعتبراها ابنتهم ومن صُلبهم، ولم يخبرا أحد بحقيقة الأمر ودفناه بينهما وتعاهدا على كتم هذا السر .
وعندما عادا إلى المنزل وفور وصولهم سألها أحمد:
_
هتسميها ايه.؟ 
اجابت دون النظر اليه وكأنها تعلم سؤاله
_
فرح هسميها فرح 
لمعت عيناه مؤيداً اياها قائلا:
_
وانا كمان رأيي نسميها فرح 
ابتسمت قائله نروح نسجلها بكرة.
و فى اليوم التالي قام بتسجيلها بالاسم الذى اتفقا عليه، وعند وصوله المنزل وجد زوجته تهدهد الطفلة وتقوم بمداعبتها فذهب اليها وأعطاها الأشياء التي طلبتها لمراعاة طفلتهما الجديدة 
وفي يوم عند عودة احمد من عملهِ وأثناء تناولهما الطعام تنحنحت أمل قائلة:
_
ينفع يا احمد ناخد فرح وننقل القاهرة وتروح شغلك هناك زى ما كان مطلوب منك من فترة
التفت إليها منتبها قائلا: 
_
اشمعنا ما انتى كنت رافضة رفض نهائي
نظرت نظره حانية تجاه فرح النائمة بجانبهما قائلة:
_
نفسي فرح تتربى في القاهرة وتتعلم فيها،  أكيد هناك العيشة أحسن
نظر لها بتفهم قائلا:
_
حاضر يا حبيبتى هتكلم واستفسر ف الموضوع دة بكره متشيليش هم انتى 
قبلته وهى تضع الطعام بفمه قائله: _ربنا يخليك ليا
وبعد مرور بضعة أيام كان احمد قد سلك جميع السُبل للانطلاق إلى القاهرة وقد كللت هذه الطرق جميعها بالنجاح، واتفق مع رؤساءه بالعمل أن السفر سيكون ببداية الشهر القادم، أخبر أمل بذلك وفرحت فرحاً شديداً وقامت بتجهيز أشيائهم استعداداً للانطلاق لان هناك أيام قليله على بداية الشهر
*****************
مع بداية الشهر قد قام احمد بجميع إجراءات السفر وقد قام بالاتفاق مع صديقه بالقاهرة أن يستأجر لهم منزلاً بالقرب من فرع الشركة هناك، ويقوم بتجهيزه من جميع ما يحتاجه من أثاث وأغراض، وفور وصولهم القاهرة وانتقالهم إلى منزلهم الجديد اتفق احمد مع أمل بأن يتجولا قليلا بشوارع القاهرة وقام معها بجولة فرحت بها أمل كثيرا، وقاما بالاتفاق والتخطيط معاً على ما سيحدث بالأيام المقبلة ووضعا مخططا للحياة هنا. 
وبمرور الأيام كانت تكبر فرح أمام أعينهم، يعتنون بها كأب وأم حقيقيين فقد شعرا بذلك تماماً خصيصا، عندما سمعا  كلمة (بابا وماما) فتعلقا بها تعلقاً شديداً.
كَبِرت فرح بينهم وجاء موعد التحاقها بالمدرسة وقد قام احمد بمعرفه جميع التفاصيل حول المدارس القريبة منهم، وقد وجد مدرسة تكاد تقربهم كثيرة فهي مدرسة ليست حكومية، وقد علم إنها مدرسة جيدة تماماً وستتخرج منها إلى الجامعة مباشرةً فالمدرسة سوف تضمها جميع مراحل دراستها.
انتقلت فرح إلى المدرسة التي أحبتها كثيرا وتعرفت على أصدقاء كثيرة هناك وتأقلمت على هذا الوضع وكانا أمل واحمد مسروران لِما يراهُ أمام أعينهم من تقدم ونجاح بفرح.
فكانت فرح متفوقة كثيراً بدراستها وذلك بفضل رعاية أبويها لها واهتمامهم بها بدراستها كثيراً.
مرت الأيام وفرح تثبت لهم تفوقها العلمي رويداً رويداً، حتى دخلت المرحلة الثانوية، وسلكت الطريق العلمي، فهي تريد أن تُصبح طبيبة، لم يعترض والداها وسانداها كثيرا كي تحقق ما حلمت به، وبالفعل قضت فرح ليلها ونهارها تدرس وتدرس وكلما انكبت على كتابها تشعر بنغزة وألم بقلبها لكنها لم تعيره انتباها وتظل تدرس حتى جاء موعد الامتحانات، وقد أدتها بنجاح كالمتوقع منه، وعند إعلان النتيجة أخبراها والداها أنها حصلت على درجات تجعلها تسلك الطريق الذي حلمت به، وبالاتفاق مع والديها وبعدما استخارت ربها، قامت بالتقديم في كليه الطب. وبعد أيام كانت تجلس على حاسوبها المحمول وإذ بها تصرخ وتهلل
انتفضت أمل وذهبت إليها قائلة:
_
فى ايه يافرح 
اخذت تقفز فرح وهى تحتضن امها قائله:
_
انا اتقبلت ف طب يا ماما انا هبقا دكتورة خلاص مش مصدقه انى خلاص حققت حلمى
مسحت امل على شعر فرح وهى تقبلها قائله:
_
مبروك ياحبيبتى الف مبروك كنت واثقه انك هترفعى راسنا يالا اتصلى ببابا فرحيه
قفزت للداخل دون أن تجيبها وحملت هاتفها وأخبرت والدها 
فَرِحَ كثيراً وعاد من عمله واحتفلا بها ومرت الأيام وفرح بالجامعة وتتفوق أكثر فقد أحبت دراسة الطب كثيراً، وكل عام بالجامعة تخرج بتقدير يؤهلها لعام جديد مشرق ممهد لها، وبعد مرور سبعه أعوام، تخرجت أمل من الجامعة بتقدير يؤهلها للعمل بأي مستشفى وبالفعل عُرِض عليها عمل بإحدى المستشفيات المعروفة
وافقت فرح دون تردد بذلك العمل الجديد المشوق ،رحبت بيومها الأول بالعمل بباعث من الحيوية والنشاط، تمر الأيام بعملها الجديد ويزداد ألمها لكنها تتجاهله كي لا تتأثر وتُقلق والديها، وأثناء انشغالها بعملها وجدت طبيب من اكبر الأطباء بالمشفى، دلف إلى غرفتها بالمشفى وطرق الباب فسمحت له بالدخول وعندما وجدته نهضت واقفة متجهة إلى باب الغرفة وشرعت في مد يدها لمصافحته وهى تقول:
_
دكتور عبدالواحد ازى حضرتك اتفضل
بادلها السلام قائلا:
_
بخير والحمدلله اخبار الشغل ايه ف المستشفى هنا
ردت بحماس شديد قائله:
_
الشغل كويس جدا وانا مبسوطه بيه جدا
لمعت عيناه عندما وجد لهجه الفرحه التى تتحدث بها قائلا:
_
شكلك بتحبى شغلك جدا وانا جتلك مخصوص عشان كدا 
نظرت له بعدم فهم فتابع حديثه باهتمام قائلا:
_
انا اتوسمت فيكى من اول مرة شوفتك انك شخصيه بتشتغل بِحُب وبدات اتابع التقارير والحالات اللى انتى بتابعيها واسئلهم عليكى والكل شكر فيكى وحتى الدكاتره هنا كلهم شكرو فيكى ف شغلك وباهتمامك بالمريض لحد كبير ودة اللى دافعنى انى اجى اطلب منك تشتغلى معايا الفتره دى ف المستشفى بتاعتى هى لسه جديدة وف مكان محتاج رعايه ولازم يكون فيه دكاتره شاطرة زيك فيها وانا طلبت من كل الدكاتره اللى اللى بيحبو شغلهم ومُتقنينه عشان يباشرو الشغل هناك الفتره دى 
وانا عندى عمليه مهمه هنا لازم اعملها بنفسى وهسافر شهرين فلازم حد يكون محل ثقه يتابع الشغل هناك لغايه م ارجع ان شاء الله 
كانت تستمع له بانتباه شديد وعقب انهائه صمتت برهة ثم تحدثت قائلة:
_
انا فرحانه من كلام حضرت ومدحك ليا ودة وسام شرف ليا طبعا كمبتدئه ف المهنة ولسه بمارس بس...
قاطعها قائلا:
_
من غير بس انا مقدر انك لسه خريجه من كام شهر بس اثبتى بجدارة انك تستحقى تكونى ف مكانه اعلى رغم صِغر سنك ودى مش شهادتى انا بس وعلى العموم انتى قدامك فتره تفكرى وتدرسى الموضوع كويس من جميع الجوانب والاتجاهات وتدينى قرار على نهايه الاسبوع دة
ابتسمت وهى تحرك رأسها موافقه 
ثم ودعته قائلة:
_
بإذن الله يادكتور هرد علي حضرتك ف اقرب فرصه هستشير اهلى بس
هزز رأسه موافقة، وخطا خارج الغرفة لتجلس هي على مقعد مكتبها وهى تفكر بما قاله فهي سعيدة بهذا العمل كثيرا كي تثبت جدارتها بمهنتها، تضاربت الأفكار وإذ بها وهى تفكر تعود لها النغزة مرة أخرى، لكن بشدة هذه المرة جعلتها تتألم بشدة وظلت تتأوه حتى ارتفع صوتها قليلا، ففتح باب الغرفة (شريف) زميلها بالمشفى وسألها عما بها فأجابت أن لا شيء يقلق، وأنها تحتاج لأخذ قسط من الراحة فقط، فأسندها حتى خرجت من المشفى وأوقفت إحدى سيارات الأجرة واخترقت الطريق إلى بيتها، وبدأت تتحسن حتى زال هذا الألم نهائيا، وعندما وصلت المنزل دلفت سريعا إلى أعلى ووجدت والدتها بالمطبخ فذهبت إليها تُقبلها قائلة:
_
مامتى الحلوة عاملالى ايه انهارده 
أجابت أمل:
_
عملالك المكرونه اللى بالبشاميل اللى بتحبيها 
هللت كالأطفال قائلة:
_
هييييه اخيرا حنيتى عليا وعملتيهالى
ابتسم ثغر أمل قائله:
_
مالك انهاردة يافروحتى عنيكى فيها كلام غير فرحة المكرونة
عقدت ساعديها أمام صدرها قائلة:_مش هتبطلى يا ام فرح تقرى افكارى بقا
ضحكت امل قائلة:
_
طب بما انى قريت افكارك احكى اية اللى مخليكى فرحانه كدا
اخذت فرح تتجول بالمطبخ ذهاباً وإياباً وهى تسرد لوالدتها ماحدث معها 
شق الخوف طريقه بقلب أمل ثم عقدت حاجبيها قائلة:
_
عايزة تسافرى وتسيبينى يافرح وتروحى مكان متعرفيهوش لوحدك
اردفت فرح مطمئنه والدتها قائلة:
_
متقلقيش ياماما هيبقا معايا دكاتره كبيره كمان مش شريف بس والدكاتره الصغيره اللى زى حالاتى والمكان هناك أمن وبعدين هما شهرين مش هتأخر عليكم وهكلمكم فيديو كول كل يوم متخافيش عليا ياماما انا نفسى اثبت نفسى ف شغلى مش انتى هتفرحى لما تشوفى بنتك بتعلى ف مجالها
ترقرقت دمعه بعين امل قائله:
_
خلاص ياحبيبتى اعملى اللى تشوفيه طالما ف مصلحتك بس نشوف احمد هيقول ايه
وفور عودة احمد من عمله وأثناء تناولهم الطعام بدأت أمل وفرح بسرد ما حدث فتبادلا احمد وأمل بعض النظرات ثم صمت بأحمد بُرهة من الزمن يفكر فيما قالاه أمل وفرح ثم لمعت عينيه بنظره خوف ثم بدلها سريعاً وهو ينهض متجها لفرح ممسكا بكتفيها قائلا:
_
ارفعى راسى انا وامك هناك وطمنينا عليكى باستمرار 
اتسعت حدقتها وهى تقبله قائلة:
_
يعنى موافق يا بابا أنا بحبك أوى أنت وماما ربنا يخليكوا ليا ومتقلقوش عليا بنتكم راجل
تبادلا الضحكات ومازالت عينا امل شاردة بعيداً
وفى الليلة التالية ذهبت فرح لدكتور عبد الواحد لتخبره بموافقتها
رمقها بنظرة ثقة وأخبرها بأنه سينتظرها ودعا لها الله أن يوفقها ،ومر الأسبوع سريعا وعقب انهاء الطبيب العملية التي أجراها أخبر جميع الأطباء اللذين دعاهم لمباشره العمل بالمشفى الخاصة به أن يقومون بترتيب أمورهم للسفر غداً
*****************
رتبت فرح جميع أشيائها استعداداً للسفر وجاء موعد سفرها وقد أسدلت ستائر الحزن أرجاء المنزل لتوديعها، وبكت أمل كثيراً كأنها ستفقدها للأبد ودعها احمد داعياً لها الله، وشقت فرح طريقها للسفر مع بعض الأطباء، وذهبت للمشفى وفور وصولهم جميعا بدؤوا بتفحص المكان، وأولهم فرح التي تفحصتها بشدة ووجدتها معدة بأحدث العدد، رغم وجود المستشفى بمكان رديء ولكن أنالت إعجابها كثيراً وانكبت على عملها. وتمر الأيام بداخل المستشفى تتابع الحالات وتنتقل من غرفة لأخرى وأنهكها العمل كثيرا لكنها كانت فَرِحه بذلك، لكن زاد ألمها الذي تتجنبه منذ فتره ولكن ما جَدْ هذه الفترة أنها لاحظت وجود بعض البقع الصفراء بجسدها حتى أنها بدأت بالظهور على وجهها أيضا، ولكن قليلا بالمقارنة بباقي جسدها وعند رؤيتها لها شردت قليلا، وأيقنت أن ما كانت تشك به صحيح ولكن كيف!!!
أفاقت من شرودها على صوت طرقات على مكتبها من (شريف) وهو يقول:
_
ايه يابنتى بقالى ساعه بكلمك
تنحنحت متأسفه
_
آسفه يادكتور مخدتش بالى
نظر لها بتفهم قائلا:
_
اهلك وحشوكى صح
_
اه فعلا وحشونى جدا...يالا انا مضطره اقوم للمريض اللى ف اوضه 27 عشان اعمل تقرير بحالته اردف قائلا:
_
انا كنت جايلك عشان أقولك كدا اصلا
_
شكرا يادكتور
وتركته واتجهت إلى هذه الغرفة أطمئنت على المريض، وكتبت تقريراً بحالته وعند خروجها وجدت ممرضة خارج الغرفة تنتظرها، وفور خروجها طلبت منها أن تُلقى نظرة على مريض أتى إلى المشفى تواً ،أدخلته غرفة وسألته بعض الأسئلة وملامحها بدأت تتغير رويداً رويداً وعقدت حاجبيها وهى تسأله:
_
من امتى وانت بتحس بالالم دة يا أستاذ إسماعيل 
أجابها: 
_
مش فاكر يا بنتى بس دة من فترة كبيرة وكنت بقول ربنا يسترها بس الفترة دي التعب زاد عليا لدرجه أنى ساعات مبقدرش اخد نفسى واحس بروحى بتروح منى و ممكن اقع من طولى ف وسط المجلس وهناك شاروا عليا اجى هنا المستشفى عشان جديدة وبيشكرو فيها وف التعامل فيها 
ربتت على كتفه وهى تقول:
_
ان شاء الله خير يا استاذ اسماعيل
انت هتفضل معانا شوية تعمل تحاليل واشعة عشان نطمن عليك 
واعتنت به كثيراً حتى انتهى عمل التحاليل، وانتظرت النتيجة باهتمام شديد ولكن بدا عليها التعب عند استلامها النتائج، فجلست بأول مقعد قابلته وقامت بالاتصال بشريف فمنذ مجيئها هذه المستشفى وقد توطدت العلاقة بهم وأصبح بينهم صداقة شديدة فتحدثت معه وطلبت منه أن يتولى أمره بباقي الفحوصات. وأشرف شريف على حالته وحجز له غرفه بالمشفى واخبره انه كان على وشك الإصابة بتصلب شرايين، وأنه أتى بوقت مناسب كي يقوموا معه باللازم وقام شريف بالاعتناء به وذهب ليُطمئن فرح، فدلف غرفتها وجد وجوما على وجهها سألها:
_
فى ايه يادكتور فرح مالك
_
مفيش حسيت بشوية صداع
_
سلامتك طب روحى بدل تعبانه
_
لاء مانا هبقا كويسه دلوقتى
تركها لتشرد وتجول أسئلة بخاطرها ولكن سرعان ما نفضت عن كل ذلك وذهبت لتطمئن على المريض بنفسها وأخذت تشرف على حالته لمدة أسبوعان وكل يوم تزداد دهشتها حول ذلك الرجل. 
وبيوم عند أثناء انصرافها من المستشفى أضاء بخاطرها مخطط ما، فعادت مرة أخرى وذهبت للمكان المخصص لعمل التحاليل وقامت بالاتفاق مع المسئولة هُناك أن لا تخبر أحدا بتلك التحاليل، وعادت إلى المنزل المخصص لها بهذه القرى الغريبة وذهنها مشوش تماما تنتظر الصباح وجفنها لم يتذوق النوم لحظة واحدة فاقت من وجومها على صوت آذان الفجر، وضعت سجادة الصلاة وظلت تدعو الله كثيرا وتتلو آيات من القرآن حتى أشرق الصباح، فقامت بتبديل ملابسها وتوجهت لعملها وكانت وجهتها صائبة، غرفة التحاليل فقط التقطت التحاليل من المسئولة ودلفت بها إلى غرفتها بالمشفى سريعا كي تتفحصها بعناية تامة بدأت تتفحصها وتبدو الصدمة واضحة عليها وأخذت تحدث نفسها قائلة:
_
يعنى طلع شكي صح واللي بفكر فيه طلع صح
مرض وراثي بحت بس ازاى يعنى نفس نتايج أستاذ إسماعيل ونفس النسب في كل التحاليل تطلع واحدة، ازاى يعنى استحاله تكون صدفة للدرجه دى
انا لازم اتأكد من الموضوع دة بنفسى
اخرجها شريف من شرودها قائلا:
ازيك يادكتور فرح أخبارك ايه انهاردة
ردت دون النظر له
_
الحمدلله يادكتور بخير... قولى استاذ اسماعيل عامل ايه
نظر لها نظره عدم فهم قائلا:
_
الحمدلله بخير بس ايه سر اهتمامك الزايد للمريض دة خصوصا
أردفت بعين زائغه عنه قائله:
_
عادى زى اى مريض... انا هروح اشوفه واشوف باقى المرضى
وتوجهت إلى غرفة استاذ اسماعيل وبدأت تتحدث معه وتسأله بعض الاسئله عن حالته وبعض اسئلة عن حياته الخاصه 
وذهبت إلى غرفتها وانتظرت ليلاً لتنفذ المخطط الذى جال بخاطرها 
وتوجهت إلى غرفته ليلاً وبعد انصراف أغلب الاطباء والعمال وعندما علمت انه ذهب إلى النوم ددلفت إلى غرفته وأغلقت الباب بهدوء حتى لايشعر أحد وضعت له مادة مُخدره كى لا يشعر وقامت بسحب عينه من الدم ودلفت ببطىء شديد خارج الغرفه وفور خروجها وجدت شريف أمامها مباشره شهقت من الفزع فوضع يده على فمها قائلا:
_
وطى صوتك وقوليلى بتعملى ايه انتى بقيتى مُريبه وأنا لازم افهم
تنتحت بخوف باعث من نظراتها قائله:
_
هفهمك بس تساعدنى
حرك رأسه موافقة وذهبا الى غرفتها 
*****************
بدأت فرح تسرد لشريف عن مرضها وما تشعر به منذ سنوات وان منذ مجيئها هنا بدأت تتأكد ان ماتشعر به وتراه أعراض (Hypercholesterolemia) وأنها كانت تظن أن تشخيصها خطأ لأنه مرض وراثي، وهى تعلم أن والديها ليس لديهما هذا المرض وأنها واثقة من ذلك، وأنها كانت تتجاهل الموضوع ولكنها بدأت بالتفكير فيه مرة أخرى عندما رأت ذلك المريض الذي يُدعى إسماعيل وأن أعراضه متشابهة تماما مع أعراضها، وأنها منذ رأته تشعر وكأنها تعرفه وأخبرته بأن نتائج تحليلهما كانت واحدة بنفس النسب وأنها قررت أن تحسم أمرها وتأخذ عينه دم منه ومنها وتقوم بعمل تحليل (DNA)

كان يستمع لها باهتمام شديد ويبدو عليه عدم الاقتناع وعقب انتهائها بدأ بالكلام قائلا:
_
انتى أكيد مش طبيعيه ازاى واحد اعراض مرضه تتشابه مع اعراضك تعمليه ابوكى وتبقى عايزة تتاكدى من دة 
_
ماقولتش أبويا بس يمكن فى صله قرابه خلت المرض دة يجيلى وانا سألته عن حياته الخاصه معرفتش اوصل لحاجه فقولت اتاكد بس عشان تفكيرى مشتت خالص من وقت ماجه 
نظر لها بامتعاض قائلا:
_
انا مش مقتنع بكلامك بس هفضل معاكى واساعدك عشان تتأكدى وتتطمنى 
نظرت له بإمتنان قائله:
_
شكرا ليك ياشريف 
وعقب إنهاء حديثهم اتجها معها بعينات الدم باتجاه غرفه التحليل وهى تعلم أن نتائج هذه التحليل تأخذ فتره من الوقت فأخبرتها طبيبه التحاليل أن النتيجة ستظهر بعد مرور أسبوعين
طمئنها شريف وأوصلها المنزل ظلت تفكر طيلة الليل ومر الأسبوعان ببطيء شديد وجاء وقت النتيجة المُنتظرة،  خرجت من منزلها لتجد شريف أمامها ابتسم ثغرها وشكرته على عدم تركها وحدها، وذهبا معا للمشفى واتجها مباشرةً لمكان التحاليل وأخذت التحاليل وأعطتها لشريف كي يخبرها هو ما تحمله طياتها
بدأ شريف بتفحصها باعتناء، وبدأت ملامحه تتبدل وتبدو عليه الصدمة نظرت له وهى تتصبب عرقا قائلة:
_
طمنى ياشريف النتيجه جواها اية
لم يجب عليها وابتعد بنظراته عنها فأخذت النتيجة بين يديه بعنف وقلق، وأخذت تتفحصها وتتسع حدقة عينيها تدريجياً وانفرج فمها، ثم لم تشعر بما يحدث حولها فأصابها دوار شديد وسقطت أرضا، فحملها شريف بين يديه ذاهبا بها إلى أي غرفه فارغة، وحاول إفاقتها لكن دون جدوى، فقد كانت الصدمة كافية لتخرجها عن وعيها حمل هاتفها وضغط على أزراره ليختار الاسم المدون (ببابا) وكلمه بأسى يسرد له ما حدث ثم اخبره أنهم على مشارف الوصول للقاهرة
*****************
عندما سمع أحمد ما قاله شريف لم يُصدق ما حدث وأمل بجانبه تريد أن تفهم ما يحدث سرد لها ماأخبره شريف ظلت تبكى قائلة :
_
أنا كنت خايفة من سفرية الصعيد دى مش قولتلك يا احمد من ساعه ماقالت وافقت ليه 
أخذ يُهدئها قائلا:
_
كنت عايزها تحقق حلمها يا امل انتى مشوفتيش فرحتها كانت عامله ازاى كنت عايز اشوفها ناجحة
ازداد نحيب أمل بالبكاء قائله:
_
لو فرح جرالها حاجه انا ممكن يجرالى حاجه...انا اه مش امها اللى تعبت ف حملها وولادتها بس انا اللى ربيتها وكبرتها بعد ما امها رمتها
ربت أحمد على كتفها ومسح دموعها قائلا:
_
لعله خير خليكى واثقه ف ربنا وقومى صلى وادعيلها 
تبعته وقامت بغسل وجهها وشرعت فى الوضوء واتجهت للصلاه مباشرة ويزداد بكائها بالصلاه وهى تدعو بأن تنجو إبنتها لما هى في
*********************
 ترك شريف الصعيد كاملا وقام بتسليم المشفى لأستاذ عبد الواحد بعد استئذانه منه أن يعود بفرح لبلدتها والاهتمام بحالتها هُناك.
شق شريف طريقه للقاهرة بعد مرور يومين من صدمتها وفرح على نفس الوضع تفيق من سُباتها تظل تصرخ وتُتَمتم بكلمات غير واضحة وتعود لسُباتها. 
وكان شريف بجانبها حزينا طيلة اليومين، وفور وصولهم وجد الوجوم والحزن اعتلى وجهي والديها، وفور رؤية أمل لفرح ظلت تبكى بشدة، واحمد يجلس حزينا بجانبها يتحسس وجهها وشعرها المنسدل بجانبها فنظر شريف لهم بعتاب قائلا:
_
ممكن افهم اللى انا وفرح عرفناه دة ايه 
نظر له والدها بأسى والدمعه المتحجرة بعينيه تشق طريقها على وجهه قائلا:
أنا هحكيلك اللى حصل بس طمنى فرح مالها، أخبره شريف أنها بحالة صراع نفسي حاد تهرب منه إلى النوم، وذلك سيستمر فترة حتى تسترد وعيها مرة أخرى، شعر أمل واحمد بالذنب وبدأ احمد يسرد له القصة من بدايتها وبدا على احمد عدم الاستيعاب ثم قال:
_
يعنى ابوها وامها الأصليين يرموها ومتفرقش معاهم وميعرفوش مصيرها هيبقا ايه واللى ياخدوها يربوها يخبوا عليها خوفاً من الصدمة وميعرفوش اضرار اللى هتحس بيه لو عرفت متأخر،بدأ صوته يرتفع وبدا الغضب يتطاير بعينيه وبصوته قائلا:
عاجبكم حالها كدا ياعالم عقلها الباطن ونفسها هيودوها لفين، هى بتتخبط دلوقتى وف عالم تانى ملوش حدود، ومنعرفش نهايته التعب الجسدى ارحم ميت مره من التعب النفسى، ومن اللى هى فيه دلوقتى هى ف صراع نفسى شديد لو كنتم قولتولها من البدايه كانت الوضع هيبقا افضل من كدا بكتير، كانت هتبقا مُلمه بجوانب الموضوع وفرح بنت عائلة، وكانت هتفهم اللى حصل حتى لو كنتوا قولتولها ف سن صغير كان هيبقا افضل بكتير 
انتو دلوقتى مسئولين عن اللى هى فيه زى أمها اللى رامتها 
ثم انتبه لنبرته ومايقوله 
فتنحنح معتذرا قائلا:
_
انا اسف جدا بس انا متأثر باللى حصل لفرح جدا 
ارجوكم خلو بالكم منها انا هفضل ف القاهرة لحد م اطمن عليها وهاجى كل يوم اشوفها
وانا اسف مره تانيه
ومشى إلى الخارج سريعا خجلا لما قاله وما فعله
تركهم وظلت أمل مُمسكه بيد ابنتها تبكى وتُعلن ندمها، وكذلك أحمد ظل بجانبها يدعو الله ويشعر بالندم الشديد لما أصابها من سوء وظل يتردد بذهنه كلام شريف وانسدلت ستائر الظلام في منزل أحمد وأمل وهما ينتظران ما يُقدره الله لهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهناك قصص كثيرة كقصه (فرح) تحدث بيننا والجميع يتصرفون دون وعى بنتائج هذا وبعواقبه على الطفل المُباع ولا بنتائجه على المجتمع بأكمله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيس بوك

آخر التعليقات

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *