الجمعة، 6 مايو 2016

موت | عطر الشرق



مدت ديما يديها إلى آخرهما كي تنفض عنها بقايا نومها ثم جلست على طرف السرير قليلا قبل أن تقوم لتقضى يومها كما اعتادت منذ فترة فهي تبدأ بدخول الحمام أولا لتفرغ مثانتها المثقلة ثم تتوضأ لتقضى صلاة الفجر التي نامت عنها ثم تصلى صلاة الضحى وتجلس لدقائق قليلة تسبح وتكبر الله على سجادتها ثم تنظر في ساعتها بابتسامة خفيفة وتنهض مسرعة لفتح مذياعها الصغير بلهفة ،هكذا كان صباحها دون نقصان .
بسم الله الرحمن الرحيم معكم (تيّم عبدون )إذاعة الضمير الحي أهلا وسهلا بكم 
خفق قلبها عندما سمعت صوت (تيم ) رفيق طفولتها وحبيبها الذي قرر هو وبعض رفاقه أن يكون لهم إذاعة محلية خاصة بهم يحاولوا فيها الوصول إلى كل من دمر بيته أو اعتقل فرد لعائلته ليبثوا بعض الأمل الغائب بصدورهم ،حاولت جاهدة أن تنضم لتلك الإذاعة ومساعدته تماما لكنه رفض تماما ،اتسعت ابتسامتها عندما استعادت صوته الرخيم وهو يناقشها 
_ديما أمر الانضمام إلي مرفوض تماما 
ضربت الأرض بقدميها كالأطفال وهى تسأله 
_لماذا تيّوم؟ 
ابتسم لندائها له باسم تدليله ثم أمسك طرف أنفها بسبابته ووسطاه 
(ديما حبيبى كل من يعمل بالإذاعة رجال وأخاف عليكِ من عيونهم ثم أنى أحتاجكِ هنا تستمعين إلي لتعرفي أخطائي و..........
قطع أفكارها صوت المذياع وصوت تيّم يقول 
والآن مع أغنيتنا الدائمة التي لا أمل من تكرارها تفضلوا ،فانطلق صوت المغنى عبر الأثير 
_موطني موطني 
استنشقت ديما نفسا طويلا وقلبها يخفق حبا لتيّم وحزنا على ما آلت إليه بلادها سوريا عروس الشام وجميلتها التي ذبحها الأوغاد 
أغمضت عينيها في محاولة لتخفيف الألم الذي عصف بنفسها 
من كان يصدق أن هذه هي سوريا ثم نهضت فجأة كأنما لمع بذهنها شيء ما فقد كانت تكتب الشعر ،كانت دائما ما تكتبه لتيّم لكنها الآن لا تجد إلا سوريا تستحق 
موطن يجمعنا نفسه وطن للفراق 
وطن لل ............
قطع أفكارها بل وقطع أنفاسها بالخوف صوت أزيز طائرات حربية تحلق لتملئ الدنيا شرا ،لا تعرف لماذا مرّت على ذهنها كل الصور التي أراها تيّم للموتى المدنيين بدون ذنب جنوه يوما 
........................
...................
..............................
تحرك إصبعها ممزوج بآهات واهنة منها فالأنقاض تحوط بها من كل جانب حاولت التنفس فكان شهيقها مؤلما كالموت وزفيرها دما فالطائرات قررت ضرب بيتها وبيوت أخرى لماذا لا تعرف فليختلفوا ولتعو الذئاب وتتشاجر ومالها الحملان بصليل المخالب ،خربوها خرب الله عليهم 
كانت مقاومتها درب من هذيان ،ماذا تقاوم ومن ؟إنه الموت الذي يتسلل إليها عزاؤها الوحيد أنها كانت متوضئة طاهرة وهى ذاهبة للقاء ربها أما هم فالنجس ينخر فيهم وخيم الظلام على كل شيء .
لكن مذياعها أبى أن يصمت قبل أن يصرخ بوجههم وإن لم يسمعوه 
_ولن نكون للعدا كالعبيييييد كالعبي......
صمتت ديما ولحقها المذياع 
(انتهت.عطر الشرق #

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيس بوك

آخر التعليقات

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *