الأربعاء، 22 يونيو 2016

مازلت عذراء / حاتم المهدي / قصة قصيرة


'' ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﻋﺬﺭﺍﺀ ''
ﺗﺰﻭﺟﺖ ﻭﺃﻧﺠﺒﺖ ﺛﻢ ﺿﺤﻜﺖ ﻭﻓﺮﺣﺖ ﻭﺭﺁﻫﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ
ﻓﻰ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻐﺔ .. ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻧﻬﺎ ﻣﻤﺜﻠﺔ
ﺑﺎﺭﻋﺔ .. ﺗﺠﻴﺪ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ﻭﺗﻤﺜﻠﻪ ﺑﺈﺗﻘﺎﻥ..
ﻣﺮﺕ ﺃﻋﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺍﺟﻬﺎ ﻭﻫﻰ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﺗﻠﻌﺐ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺴﺨﻴﻒ .. ﺯﻭﺟﺔ ﺳﻌﻴﺪﺓ.. ﺳﺄﻟﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺤﺴﺮﺓ
ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺎﻡ ﻗﺪ ﺧﻠﺖ:
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺗﺄﺗﻰ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺠﻦ ! ﺍﻳﻦ
ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻟﻔﺘﺎﺓ ﻓﻰ ﻣﻘﺘﺒﻞ ﺷﺒﺎﺑﻬﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺯﻭﺟﺔ ﻭﺃﻡ
ﻓﻰ ﻳﻮﻡ ﻭﻟﻴﻠﺔ..
ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺗﻄﻌﻤﻬﺎ ﻭﺗﺮﺍﻋﻴﻬﺎ..
ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺠﻦ .. ﺍﺑﻮﺍﺑﻪ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ
ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ .. ﻭﺇﺫﺍ ﺧﺮﺟﺖ ﻻ ﺍﻋﺮﻑ ﺍﻳﻦ ﺳﺄﺫﻫﺐ
..
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻔﺮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﺷﺎﺷﺔ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ .. ﺍﺩﻣﻨﺖ
ﺍﻟﻔﻴﺲ ﺑﻮﻙ ﻭﻭﺟﺪﺕ ﻣﻨﻪ ﻣﻼﺫﺍ ﻣﻦ ﺳﺠﻨﻬﺎ .. ﻻ ﺗﻜﻠﻢ
ﺍﺣﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﺮﺃ ﻭﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﻭﺗﺸﺎﺭﻙ ﺍﺻﺪﻗﺎﺀﻫﺎ
ﻭﺗﻀﺤﻚ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻥ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺭﻭﺗﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻰ
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ..ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺍﺭﺳﻞ ﻟﻬﺎ ﺷﺎﺏ ﻏﺮﻳﺐ
.. ﺑﻌﺚ ﻟﻬﺎ ﺑﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺃﺻﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ .. ﻭﺟﺪﺗﻪ
ﺷﺎﺑﺎ ﻣﻬﺬﺑﺎ ﻭﻣﺘﺪﻳﻨﺎ .. ﺗﻤﻨﻌﺖ ﺭﻓﻀﺖ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ ﺑﺮﺩ
ﻣﻬﺬﺏ ..
ﻭﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﺧﺘﻨﻘﺖ ﻭﺃﺭﺍﺩﺕ ﺍﻥ ﺗﻔﺮﺝ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻬﺎ ﻭﺗﺤﻜﻰ
ﻭﺗﺘﻜﻠﻢ ﻭﺗﻨﺎﻗﺶ ﻭﺗﺸﺘﻜﻰ..ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ
ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻻ ﻋﻤﻠﻪ ﺛﻢ ﻳﻨﻔﺬ ﻭﺍﺟﺒﺎﺗﻪ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ
ﻛﺮﺟﻞ ﺁﻟﻰ .. ﺭﻭﺗﻴﻦ ﻳﺤﺪﺙ ﻭﻳﺘﻜﺮﺭ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ.. ﻟﻢ ﺗﺠﺪ
ﺍﺣﺪ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﺍﻻ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﺲ ﺑﻮﻙ .. ﻓﻜﺮﺕ
ﻭﺗﺮﺩﺩﺕ ﺍﻥ ﺗﺮﺳﻞ ﻟﻪ .. ﻗﺎﻟﺖ ﻓﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻧﻪ ﺷﺎﺏ
ﻏﺮﻳﺐ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﻰ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺍﻟﻴﻬﺎ
ﻭﻟﻦ ﺍﺣﻜﻰ ﻣﻌﻪ ﻣﺮﺓ ﺍﺧﺮﻯ ﺍﺑﺪﺍ .. ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ؟ ﻓﺘﺤﺖ
ﺣﺴﺎﺑﻬﺎ ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺳﻼﻡ ﻭﺍﻃﻤﺌﻨﺎﻥ
ﻋﻠﻴﻬﺎ .. ﻓﺎﻧﻔﺘﺤﺖ ﻫﻰ ﺑﻮﺍﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﺸﻜﻮﻯ
ﻭﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﺍﻟﻜﺂﺑﺔ .. ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﺑﺼﺪﺭ ﺭﺣﺐ ﻭﺑﺪﺃ ﻳﻮﺍﺳﻴﻬﺎ
ﻭﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﻥ ﻳﻬﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻤﺮ ﺑﻪ .. ﺍﺷﺘﻜﺖ ﻟﻪ : ﺍﻧﺎ ﻏﻴﺮ
ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻓﻰ ﺯﻭﺍﺟﻰ ﻫﺬﺍ .. ﺭﻏﻢ ﺍﻥ ﺯﻭﺟﻰ ﻟﻢ ﻳﻘﺼﺮ
ﻣﻌﻰ ﻓﻰ ﺷﺊ .. ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺼﻨﻰ ﺃﻯ ﺷﺊ ﺍﻻ ﺍﻧﻨﻰ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ
ﻏﻴﺮ ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻛﻞ ﺣﻴﺎﺗﻰ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺭﻭﺗﻴﻦ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺃﻭﺍﻣﺮ
ﻭﻃﺎﻋﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻰ .. ﺃﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻨﻰ ﺍﻧﻨﻰ
ﺃﺻﺒﺤﺖ '' ﺟﺎﺭﻳﺔ '' .. ﺍﺑﺎﻉ ﻭﺃﺷﺘﺮﻯ ..
ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﺩﺭﻯ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ .. ﺍﻳﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻮﺩ
ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻨﻪ .. ﺍﻳﻦ
ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻠﺘﺼﻘﺘﻴﻦ ﻓﻰ ﺟﺴﺪ ﻭﺍﺣﺪ .. ﺍﻧﺎ ﻣﺎﺯﻟﺖ
ﻋﺬﺭﺍﺀ ﺭﻏﻢ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻋﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺍﺟﻰ .. ﻭﺭﻏﻢ ﺍﻧﺠﺎﺑﻰ
ﻟﻄﻔﻠﺘﻴﻦ
ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﻋﺬﺭﺍﺀ .. ﻭﺳﺄﻇﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺍﺟﺪ ﻧﺼﻔﻰ
ﺍﻵﺧﺮ .. ﺳﺄﻇﻞ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺃﺟﺪ ﺿﺤﻜﺘﻰ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ
ﻗﻠﺒﻰ..
ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﻄﻼﻕ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻦ ﺯﻭﺟﻰ ﺍﻥ ﻳﺼﺒﺢ
ﺯﻭﺟﻰ .. ﻻ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺫﻛﺮ.. ﺍﺭﻳﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻥ ﻳﺴﻌﺪﻧﻰ
ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺨﺮﺝ ﺿﺤﻜﺘﻰ .. ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻰ
ﺗﺴﻌﺪﻧﻰ ﻭﻳﺄﺗﻰ ﻟﻰ ﺑﻬﺎ . ..
ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻣﻦ ﺷﻜﻮﺍﻫﺎ ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺳﺎﺗﻪ ..
ﻭﻭﺟﺪﺕ ﻫﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺤﻜﻰ ﻭﺗﺸﻜﻰ ﻟﻪ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻭﻛﻠﻤﺎ
ﺍﺗﻴﺤﺖ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻭﺍﺷﺘﻜﺖ ﻭﺟﺎﺩﻟﺖ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ
ﺯﺍﻝ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺷﻜﻮﺍﻫﺎ ﻭﻛﻼﻣﻬﺎ ﺑﺼﺪﺭ ﺭﺣﺐ .. ﻭﻛﻼﻣﻪ
ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﺒﻠﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ
ﻳﻮﺻﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻹﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺮﺑﻬﺎ ﻓﻰ ﻛﺮﺑﻬﺎ ﻭﺿﻴﻘﻬﺎ ..
ﺻﻠﻰ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻯ ﻭﺗﻄﻬﺮﻯ .. ﺗﺠﺪﻯ ﻣﺨﺮﺟﻚ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﻨﻔﻖ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﻟﻜﻞ ﻟﻴﻞ ﻓﺠﺮ .. ﻭﻟﻜﻞ ﺿﻴﻖ ﻓﺮﺝ
ﻻ ﺗﻈﻨﻰ ﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻴﺘﺮﻛﻚ ﻫﻜﺬﺍ .. ﺣﺰﻳﻨﺔ ﻭﺑﺎﺋﺴﺔ ﺑﺠﺴﺪ
ﻣﻨﻬﻚ ﻭﺃﻳﺪﻯ ﻣﺘﺸﻘﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ .. ﻻ ﺗﻈﻨﻰ ﺍﻥ
ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺩﺍﺋﻢ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﺯﺍﺋﻞ.. ﻭﺭﺩﺩ ﺃﺑﻴﺎﺗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻛﻐﻴﺚ ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺪﺓ ﻣﻴﺘﺔ ﻓﺄﺣﻴﺎﻫﺎ
ﺑﺈﺫﻥ ﺭﺑﻪ .. ﻭﻟﺮﺏ ﻧﺎﺯﻟﺔ ﻳﻀﻴﻖ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺫﺭﻋﺎ ﻭﻋﻨﺪ
ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺮﺝ
ﺿﺎﻗﺖ ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﺤﻜﻤﺖ ﺣﻠﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﺮﺟﺖ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻇﻨﻬﺎ ﻻ
ﺗﻔﺮﺝ ﺍﺻﺒﺮﻯ ﻭﺍﺳﺘﻌﻴﻨﻰ ﺑﺮﺑﻚ .. ﺛﻢ ﺃﺑﺸﺮﻯ ﺑﺎﻟﻔﺮﺝ
ﻗﺮﺃﺕ ﻛﻼﻣﻪ ﻓﺒﻜﺖ ﻭﺍﻧﺘﺤﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻓﺒﻌﺚ ﻟﻬﺎ
ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺪﻣﻮﻋﻬﺎ :
ﻗﻞ ﻟﻠﻌﻴﻮﻥ ﺇﺫﺍ ﺗﺴﺎﻗﻂ ﺩﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻫﻤﻰ
ﻭﺃﺣﺰﺍﻧﻰ ﻗﻠﻞ ﻟﻠﻔﺆﺍﺩ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺎﻇﻢ ﻛﺮﺑﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩ
ﺑﻠﻄﻔﻪ ﻳﺮﻋﺎﻧﻰ

ﻗﺮﺃﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻓﺎﺯﺩﺍﺩﺕ ﺑﻜﺎﺀﺍ ﻭﻧﺤﻴﺒﺎ .. ﺗﺬﻛﺮﺕ ﺍﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺼﻠﻰ .. ﻓﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺳﺒﺐ ﻓﻰ ﻫﺪﺍﻳﺘﻬﺎ ..
ﺻﻠﺖ ﻭﺍﻟﺘﺰﻣﺖ ﻓﻰ ﺻﻼﺗﻬﺎ .. ﻭﺧﺸﻌﺖ ﻓﻰ ﺳﺠﻮﺩﻫﺎ
ﻭﺩﻋﺎﺋﻬﺎ .. ﻓﺒﺪﺃ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﺗﻨﻄﻔﺊ ﻧﺎﺭﻩ ﻭﻟﻬﻴﺒﻪ .. ﻭﺑﺪﺃ ﺻﺪﺭﻫﺎ
ﻳﺒﺮﺩ ﻭﻳﺜﻠﺞ ﻣﻦ ﻫﻤﻮﻣﻪ .. ﺍﺩﺭﻛﺖ ﺍﻥ ﺗﻘﺼﻴﺮﻫﺎ ﻣﻊ ﺭﺑﻬﺎ
ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﺗﻌﺎﺳﺘﻬﺎ .. ﻓﺘﺤﺖ ﺣﺴﺎﺑﻬﺎ ﻭﺃﺭﺳﻠﺖ ﻟﻪ :
ﻳﺎ ﺗﺎﺭﻛﺎ ﻟﺼﻼﺗﻪ .. ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻟﺘﺸﺘﻜﻰ ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻓﻰ
ﺃﻭﻗﺎﺗﻬﺎ .. ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻠﻌﻦ ﺗﺎﺭﻛﻰ ﻓﻔﻄﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺏ
ﻣﻘﺼﺪﻫﺎ .. ﻭﻋﺮﻑ ﺍﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺼﻠﻰ..
ﺑﺪﺃﺕ ﺍﺣﻮﺍﻟﻬﺎ ﺗﺘﺤﺴﻦ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﻰ
ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ .. ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﺧﺘﻔﻰ ﻓﺠﺄﺓ ..
ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ..
ﺿﺎﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻼﺫﻫﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮ .. ﻭﻣﻨﻘﺬﻫﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺗﻴﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺮﻳﺮ .. ﻓﻘﺪﺕ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻥ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ... ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﻬﺮ
ﺭﻣﻀﺎﻥ .. ﻓﻮﺟﺪﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻼﺫﺍ ﻟﻬﺎ ..
ﺗﻤﺴﻜﺖ ﺑﺼﻼﺗﻬﺎ ﻭﺻﻴﺎﻣﻬﺎ .. ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺧﺎﺷﻌﺔ ﻓﻰ
ﺳﺠﻮﺩﻫﺎ ﻭﺩﻋﺎﺋﻬﺎ .. ﻭﻓﻰ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ..ﺗﺮﻛﺖ ﺯﻭﺟﻬﺎ
ﻭﻃﻔﻠﺘﻴﻬﺎ ﻳﺘﺴﺤﺮﻭﻥ ﻭﻳﺘﺴﺎﻣﺮﻭﻥ ﻭﻳﻀﺤﻜﻮﻥ ..ﻃﻠﺐ
ﻣﻨﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻥ ﺗﺠﻠﺲ ﻭﺗﺘﺴﺤﺮ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺭﺩﺕ ﺑﺄﻧﻬﺎ
ﻻ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻵﻥ ﻭﺳﺘﺄﻛﻞ ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ..
ﺩﺧﻠﺖ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ ﻭﺟﻠﺴﺖ ﺑﻤﻔﺮﺩﻫﺎ .. ﺍﻧﻔﺮﺩﺕ ﺑﻘﻠﺒﻬﺎ
ﻭﺳﺄﻟﺘﻪ .. ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﺳﻌﻴﺪ ؟
ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﻣﻨﻪ ..
ﺷﻌﺮﺕ ﺑﻀﻴﻖ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻭﺛﻘﻞ ﺩﻗﺎﺕ ﻗﻠﺒﻬﺎ .. ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻮﺷﻚ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ
ﺗﺬﻛﺮﺕ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺗﺰﻭﺟﺖ .. ﻻ ﺗﺬﻛﺮ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ
ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻰ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﺍﻻ ﺛﻼ ﻣﺮﺍﺕ ﻓﻰ ﻋﺸﺮ ﺃﻋﻮﺍﻡ
ﻣﻨﺬ ﺯﻭﺍﺟﻬﺎ ..
ﺍﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻰ ﺍﻭﻝ ﻳﻮﻡ ﺯﻭﺍﺟﻬﺎ .. ﺃﺳﻌﺪ ﻓﺘﺎﺓ ﻓﻰ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .. ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﺧﻠﻒ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ
ﻭﺛﺎﻧﻰ ﻣﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺿﻌﺖ ﻃﻔﻠﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ..
ﻭﺛﺎﻟﺚ ﻣﺮﺓ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻭﺿﻌﺖ ﻃﻔﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻰ
ﻃﻔﻠﺘﻴﻬﺎ ﺳﺒﺐ ﻣﻘﻨﻊ ﻟﺒﻘﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ..
ﻧﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻭﺩﻣﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ .. ﻭﺳﺄﻟﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ..
ﺍﻳﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻰ ﻭﻋﺪﻭﻧﻰ ﺑﻬﺎ ؟ ﺍﻳﻦ ﻭﻋﺪ ﺃﺑﻰ
ﻭﺃﻣﻰ ﺑﺄﻧﻰ ﺳﺄﻋﻴﺶ ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺯﻭﺍﺟﻰ .. ﻫﺎ ﺍﻧﺎ
ﺗﺰﻭﺟﺖ ﻳﺎ ﺍﻣﻰ .. ﻫﺎﺍ ﺍﻧﺎ ﺗﺰﻭﺟﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻰ .. ﻭﻟﻜﻨﻰ ﻟﺴﺖ
ﺳﻌﻴﺪﺓ ..
ﻭﺃﻳﻦ ﻭﻋﺪ ﺯﻭﺟﻰ ﻟﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﺠﻌﻞ ﻣﻨﻰ ﻛﻤﻠﻜﺔ
ﻋﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗﺄﻣﺮ ﻭﺗﻨﻬﻰ ﻭﺗﻄﻠﺐ ﻭﺗﻄﺎﻉ .. ﻫﺎﺍ ﺍﻧﺎ ﻗﺒﻠﺘﻚ
ﺯﻭﺟﺎ ﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﻞ ﺍﻥ ﺗﻨﻔﺬ ﻭﻋﺪﻙ ﻣﻌﻰ .. ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻨﻰ
ﻣﻠﻜﺔ ﻭﻟﻜﻨﻰ ﺍﺻﺒﺤﺖ ﺧﺎﺩﻣﺔ ﻭﺃﻳﻦ ﻭﻋﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺏ
ﻟﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﺮﻛﻨﻰ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺎﺋﺲ
ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ .. ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺨﻴﻒ .. ﻧﺎﻣﺖ ﻭﺩﻣﻮﻉ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ
ﺗﺴﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻨﺘﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺭﺩﺗﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻥ ﺗﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ
ﺍﻟﻤﺴﺤﺮ ﻳﺄﺗﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ .. ﺑﺮﺑﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺤﺮ .. ﺍﺫﻫﺐ
ﻭﺍﻗﺮﻉ ﺍﻟﻄﺒﻞ ﺗﺤﺖ ﻧﺎﻓﺬﺗﻬﺎ .. ﻓﺎﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﻧﺎﻣﺖ ﺑﺎﻛﻴﺔ
ﻭﻫﻰ ﺗﺮﺩﺩ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ '' : ﻭﺃﻭﻓﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﺇﻥ
ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺌﻮﻻ


حدثونى عن الإشتياق .. أحدثكم عن وجع يسكن أيسر الصدر لا علاج له ولا خمود ..
ليس اشتياقا لشخص ولا لشئ وإنما لنفسى .. إشتقت لنفسى القديمة .. افتقد تلك الفتاة التى لا تفارق الضحكة وجهها البشوش .. فتاة نشيطة ومرحة لا تعرف الحزن .. وتتعجب لمن يحزنون ، كيف يحزن هؤلاء الناس وكل الدنيا تضحك من حولهم ، لما الحزن والكآبة .. اضحكوا يرحمكم الله ..
تذكرت تلك الأيام ، ابتسمت بسخرية على نفسها .. سبحان مغير الأحوال
انا الآن أتساءل واتعجب.. كيف يفرح هؤلاء الناس .. ولم كل هذه السعادة ؟
لم تطل التفكير والبحث عن نفسها القديمة وتلك الفتاة المرحة .. فهى تعلم تماما ان تلك الفتاة قد قتلت ..
قتلها الحزن والكبت
قتلها الزوج والأطفال والسهر على خدمتهم
قتلها كلام الناس وألسنة من حولها
وأخيرا .. أكل من لحمها الميت أولئك الذين يغتابونها ويتكلمون عليها بسوء من غير ذنب ..
لم تعتاد على معاشرة مثل أولئك الناس الغرباء ..
فهى اعتادت على طهارة أمها ورجولة أبيها ..
سمعت المؤذن ينادى أن '' الصلاة خير من النوم ''، فقامت متكاسلة بجسد مرهق وأيقظت زوجها ليصلى فجر عيد الفطر .. قام وتوضأ ثم خرج ليصلى ..
توضأت هى وتطهرت ولم تجفف نفسها من الماء .. فقد قيل ان ماء الوضوء فيه بركة ..
صلت الفجر وقطرات المياه الباردة تتساقط من وجهها.. خشعت فى سجودها داعية راجية .. ولم تنس تلك الدعوة التى اعتادت عليها منذ ان هداها الله والتزمت..
'' اللهم انت الصاحب والسند ، فكن سنده فى ضيقه وكربته ، عافيه واعفو عنه ووفقه الى كل ما تحبه وترضاه ، ياااارب''
دعوة بظهر الغيب ترسلها لذلك الشاب الذى كان سببا فى هدايتها ..
ثم دعت لزوجها بأن يهديه الله ويصلح حاله ويجعل منه زوجا صالحا لها وأبا صالحا لبناتها ..
ختمت صلاتها ثم كبرت تكبيرات العيد ..
ومع كل تكبيرة كانت تشعر بطمأنينة تدخل قلبها .. هدوء وسكون داخل جسدها .. لم تشعر بهذا من قبل
دخل عليها زوجها عائدا من المسجد وكانت سيماه على وجهه من أثر السجود .. ما زالت جالسة على سجادتها تدعى ربها
جلس بجوارها مبتسما .. ثم قبلها على جبينها ..
ارتجفت لتلك القبلة .. فهى لم تعتاد على ذلك منه
_ '' اليوم عيدين وليس عيد واحد ''
قال لها وقد أمسك بيدها وهو يبتسم
ردت بدهشة
_ اليوم عيد الفطر .. فما العيد الثانى ؟
_ أنسيت ؟ اليوم عيد زواجنا العاشر
قالت فى نفسها ساخرة منه '' وهل تسميه عيد ؟
ثم ردت مبتسمة : عفوا .. لقد نسيت
_ كل عام وانتى بخير يا حبيبتى .. كل عام وانتى زوجتى وام لى ولبناتى
_ كل عام وانت بخير
ردت عليه بحزن ظاهر ولكن بداخلها قد دبت اخيرا السعادة فى قلبها .. لم تسمع منه هذا الكلام من قبل..
قال مستنكرا
_ ماذا بك ، لماذا تردى عليا هكذا ؟
_ لاشئ .. انا مرهقة فقط ولم انام جيدا
_ لا .. انتى تكذبين ماذا بك .. هل انا السبب فى ضيقتك هذه فى يوم العيد ؟
صمتت كثيرا وفكرت اكثر ، تريد ان تنتهز هذه الفرصة وتصارحه بما تكتمه داخل قلبها ، تتمنى ان تتكلم معه وتشتكى وتعاتب وتجادل مثلما كانت تفعل مع ذلك الشاب الغريب ..
ترددت كثيرا وخافت من ردة فعله .. ولكنها أخيرا تشجعت وقررت ان تصارحه بكل جرأة وحزم ..
_ انت زوجى منذ عشر سنوات .. لماذا تقول لى هذا الكلام الآن ؟
_ وهل انا خطأت فى ذلك ؟
_ لا ، ولكن تمنيت ان تقول لى مثل هذا الكلام فى كل يوم من هذه السنوات العشر .. تمنيت ان تعاملنى كملكة كما وعدتنى قبل زواجنا ، بعد عشر سنوات جئت لتفى بوعدك !! ؟؟؟
عندما قبلتنى على جبينى شعرت ولأول مرة اننى ملكة بالفعل ، وتذكرت هذا الوعد ، لماذا لم تفعلها منذ زواجنا ؟
ليس عيبا او حراما ان تقبل يد زوجتك وأم أطفالك .. وكما قلت انا لست أم أطفالك فحسب ، بل انا أمك أيضا .. فلماذا لا تقبل يدى ورأسى كل يوم..
أخذت نفسا عميقا كأنها ترتاح من مبارزة او عراك .. ثم تكلمت مرة اخرى ولكن بصوت هادئ :
انا أريدك ان تضحكنى وتلعب معى . عاملنى كطفلة وليس كزوجة ، نعم انا احب ذلك ..
لم يرد عليها وظل مطأطأ رأسه وهو يسمعها وينتظر ان تنتهى من كلامها وتفرغ ما حبسته بداخلها طيلة هذه السنين
تابعت :
أقسم لك أنى أحبك ، وأعلم انك أيضا تحبنى ولم ترفض لى طلب .. ولكن انت تنشغل عنى بعملك وأصدقاءك وأهلك ..أين أنا من حياتك .. اعلم انك تعطينى ما أردت .. ولكن المال لا يشترى السعادة، انا لا ينقصنى شئ معك مما يشترى بالمال .. لا ينقصنى شئ
انا ينقصنى حياة
وانت فى هذا الأمر . قد قصرت معى كثيرا يا زوجى الحبيب ..
ما زال مطأطأ رأسه .. لا يقوى على النظر فى عينيها البريئتين .. شعر بالذنب تجاهها وعرف انه قد ظلمها ظلما بينا .. سكت ولم يتكلم .. ساد المكان صمت رهيب
رفع رأسه ونظرت فى عينيه فوجدت شعوره بالذنب قد طغى عليهما ..
لم يستطع ان يرد عليها الا بعد حين من تأنيب الضمير
_ لقد ظلمتك .. لن أحاول ان ابرر موقفى وادافع عن نفسى .. فأنا لا أملك الحجج لذلك .. سامحينى واخبرينى كيف اعوض عنك وما الذى يرضيكى ؟
قامت من مجلسها ووقفت على قدميها رافعة رأسها فى كبرياء هز عرش رجولته :
_ اسمع يا هذا .. ورب المشارق والمغارب إن لم تقبل رأسى اعتذارا عما فعلت بى طيلة هذه السنين ليرجمنك قلبى ويرفضك عقلى ويمنعك جسدى الى يوم يبعثون ..
فقام من مجلسه مبتسما.. قبل رأسها ثم انحنى انحناءا يليق برجولته وقبل يديها الاثنتين واحدة تلو الأخرى .. ثم قال بلهجة المهزوم :
_هل هذا يكفى يا ملكتى ؟
ردت وما زالت فى كبريائها الملكى :
_والذى نفسى ونفسك بيده .. لو فكرت بعقلى بعد كل هذا الشقاء لوجدتنى فى بيت أبى منذ سنوات .. ولكن هذا منعنى ( وشاورت على قلبها ) هذا القلب الأحمق ..
..
ولأول مرة منذ زواجها تقضى عيدا وهى سعيدة والضحكة تنير وجهها .. خرجت مع زوجها وبناتها بعد صلاة العيد .. تنزهوا ولعبوا وفرحوا معا .. وأثناء لعبها تذكرت نفسها القديمة وتلك الفتاة المرحة البشوشة .. هااا هى قد عادت الآن بعد سفر طويييل .. دام لعشر سنوات ..
لقد اشتقت اليك ايتها السعادة ..
وفى نهاية اليوم ..
صلت ما صلت من قيام الليل بعد ان خلد طفلتيها الى النوم .. ثم نامت بجوار زوجها .. نظرت اليه وهو نائم وأخذت تتأمله ..
وفى عينيها طمأنينة وهدوء ..
وإن لعينيها لسكينة كالدعاء عند الإفطار ..
أطالت النظر إليه ولأول مرة تشعر انها ملكة بالفعل .. ووعدت نفسها ان تجعل منه ملكا هو الآخر ..
كانت فى ارتياح شديد ..
حمدت وشكرت ربها انها ظلت صابرة على زوجها الى ان هداه الله عليها .. وتذكرت ان تلك الطمأنينة التى دخلت قلبها مع تكبيرات العيد .. إنما كانت طمأنينة ساعة الإجابة ..
أدركت ان دعائها قد استقبلته أيدى ملائكة الرحمن وقابل كلمة من مالك الملك ان '' كن .. فكان ''
اطمئنت لذلك الشاب وبشرت نفسها ان له مستقبل مشرق فى الدنيا وانه بإذن الرحمن تنتظره جنة فى الآخرة ..
فقد دعت له فى نفس الساعة بل وقبل زوجها ..
وفرحت له كثيرا لأنه يأخذ مثلها من الحسنات كلما صلت والتزمت .. فالدال على الخير كفاعله ..
وأخيرا .. أمسكت بهاتفها وفتحت صفحتها الشخصية .. كتبت ثم نشرت :
زوجى الحبيب : بقاؤك بجانبى يعادل طمأنينة أرض عادت إليها عزتها بعد ان عانت سبعون عاما من الاحتلال ..
للتواصل مع الكاتب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيس بوك

آخر التعليقات

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *