السبت، 17 سبتمبر 2016

مسابقة تحدي الإلهام والإبداع | محمد علي | طفلان والثالث مجاناً


قصة بعنوان " طفلان والثالث مجانا "

المال ... إن المال هو أساس الشرور التي اجتاحت عالمنا الحالي. الكل يسعى لجمع المال وتكديسه ، وفى المقابل نخسر المبادئ التي تعلمناها منذ نعومة أظافرنا ؛ فكلما زادت بداخلنا تلك الرغبة البشرية القبيحة في جمع المال دون النظر إلى طريقة جمعه تصبح قيمنا الإنسانية باهتة حتى تختفي تماما .
تعلمت كل هذا في أول يوم عمل في مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، لا أعرف لما فضلت ذلك التخصص عن غيره ، ربما لأني كنت مريضا نفسيا من قبل !! ولكنى لم أذهب لطبيب ، لقد عالجت نفسي من اكتئاب مجهول السبب حتى ظننت يوما أني أحب الاكتئاب والحزن !
وصلت إلى المستشفى في السابعة صباحا وكلى حماس للعمل ، مشيت في طرقات المستشفى ومع كل خطوة يزيد الحماس داخلي فهذا أول يوم لي ويجب أن يكون انطباعه رائعا - أو هكذا كنت أظن -
وقفت أمام حجرة مدير المستشفى وطرقت الباب حتى أذن لي بالدخول ، سلمت عليه وسألته عن المريض الأول لي؛ وقد أسعده حماسي الزائد وأعطاني تقارير الحالة الأولى التي سأعالجها .
خرجت من الغرفة وأنا أقرأ الأوراق التي بين يدي.
الاسم : أحمد صبري
السن : 37
الوظيفة : طبيب نساء وتوليد ...... لقد أدهشتني وظيفته فكيف لطبيب درس علم النفس جيدا في الجامعة أن يصاب بمرض نفسي لدرجة دخوله المستشفى، ولكنى ارتحت قليلا فهو طبيب مثلى وقد يساعدني هذا ..
وصلت إلى الحجرة التي يرقد فيها أحمد ولكن الباب كان مفتوحا ، دخلت الغرفة ولم أجده ولكن كانت هناك إحدى العاملات ترتب الغرفة وقد أخبرتني أنه يجلس في حديقة المشفى ؛ شكرتها وخرجت لأذهب إليه.
وصلت إلى الحديقة ، ونظرت في الصورة الموجودة في التقارير ثم أدرت بصري للموجودين حتى وجدته يجلس على الأرض ويكلم نفسه كلاما لم أفهمه إلا حين اقتربت منه .
-
أجنة للبيع ، لدينا أجنة بصحة ممتازة ، بنين وبنات
حسب الرغبة ، والأسعار ممتازة.
توقف عن الكلام حين أحس بوجودي ولكنه بدأ بالكلام ثانية ، وهذه المرة كان يكلمني :
-
تفضل سيدي، ما طلبك ؟ هل تريد طفلا ؟ ولد أم بنت ؟! حسنا فهمتك إنه عمل أليس كذلك ؟! كم بويضة مخصبة تريد ؟!!
لم أفهم منه شيئا، ماذا يقصد بكلامه هذا ؟ ولكنى تأكدت أن هناك سرا كبيرا وعلى أن أعرفه .
قضيت ساعة كاملة أجاريه في حديثه وأحاول أن أفهم منه ولو جملة واحدة حتى فهمت شيئا مهما إنه ليس مريضا ، وهو يفهم جيدا ماذا يقول ولكنه يتظاهر بالجنون لسبب لا أعرفه حاليا . حاولت أن أجعله يتكلم ويبدو أنه اطمئن لي وقد بدأ يحكى قصته منذ البداية .
-
حسنا، لا أعرف لماذا أحكى لك قصتي وقد امتنعت عن إخبارها لكثير من الأطباء الذين كلفوا بعلاجي قبلك ،ولكن لندخل في صلب الموضوع.
-
كنت أعمل طبيبا للنساء والتوليد في إحدى المستشفيات الخاصة ، وكنت أشك أن هناك أعمالا غريبة تحدث في المشفى ؛ فكثيرا ما أجد نائب المدير يصطحب رجلا يبدو أنه رجل أعمال مشهور إلى غرفة في المشفى لا يسمح لأحد بدخولها وعليها فردان من أمن المشفى طول الوقت . بدأت الشكوك تتزايد بداخلي حتى عزمت على اكتشاف ما يدور داخل الغرفة ، وبطريقة ما استطعت أن أصرف انتباه الأمن وأدخل لأكشف أبشع الأعمال التي يمكن أن تتخيلها ، إنهم يبيعون الأجنة!!!!! فمن العادة حين يأتي زوجان ليقوما بعملية أطفال الأنابيب، نقوم بإخصاب أكثر من بويضة حتى نضمن نجاح العملية وإذا نجحت فإننا نحتفظ بباقي الأجنة تحت اسم الزوجين ، ولكنى رأيت نائب المدير يسلم حقيبة مخصصة لحمل الأجنة والحفاظ عليها لذلك الرجل ويستلم منه حقيبتين حين فتحهما ذلك الذي مات ضميره ، رأيت مبلغا كبيرا جدا من العملة الأجنبية .
لم أعرف وقتها ماذا أفعل! وكيف أكشف تلك الأعمال الخبيثة التي تحدث في الظلام وقد قررت أن أخبر المدير .
خرجت من الغرفة قبل أن يعود الأمن ، وتوجهت مباشرة إلى غرفة مدير المشفى وأخبرته بكل شيء.
لقد رأيت على وجهه ملامح الغضب ولكنها لم تكن إلا ارتباكا وخوفا من أن ينكشف سره هو أيضا ، نعم ! لقد كان شريكا في تلك الأعمال القذرة .أخبرني أن أعود لعملي وهو سيتصرف في هذه المشكلة .
سكت أحمد قليلا وكأنما يستعيد ذكريات ذلك اليوم .
سألته : وماذا بعد ؟
-
بعد ذلك أتيت إلى هنا ، في طريق عودتي إلى المنزل ذلك اليوم، لاحظت سيارة غريبة تسير خلفي وحين حاولت الهروب ازدادت سرعتها، حتى أصبحت أمامي ثم أغلقت الطريق ونزل منها بعض الرجال ودفعونى خارج السيارة وبدؤوا بضربي .لقد كان ألما شديدا ولكنه لا يقارن بالألم الذي تعرضت له حين ذهبوا بي إلى مكان مهجور، ووجدت هناك المدير والنائب وكذلك الرجل الذي يعمل معهم .لقد تعرضت لجلسات كهرباء كنت أحس معها وكأن جيشا من الرجال يحمل سكاكينا ويطعنونني في نفس الوقت ، ثم جاءوا بي إلى هنا كمريض عقلي أصابه الجنون بعد مقتل زوجته .
قالها وقد بدأ يبكى بحرقة .نعم لقد قتلوا زوجته !! إنهم مجموعة من المجرمين الفاسدين المفسدين الذين أعدموا ضمائرهم وقتلوا كل قيمة إنسانية وجدت يوما بداخلهم
توقف أحمد عن البكاء وهو ينهى قصته :
-
والآن أنا هنا أتظاهر بالجنون حتى لا أخضع لجلسات الكهرباء كما حدث مرارا حين دخلت هنا . أرجوك دكتور لا أعرف لما أخبرتك ولكن عليك أن تخبرهم أنك لم تفهم منى شيئا حين تقدم تقريرك عنى. .أرجوك .
وضعت يدي على كتفه لأطمئنه ، ثم تركته و أنا لا أعرف كيف سأتصرف.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيس بوك

آخر التعليقات

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *