الجمعة، 12 فبراير 2016

رسائل القدر | قصة قصيرة | سيف الإسلام

رسائل القدر ...

. „„كان كعادته يجلس وحيداً ، من حين لآخر يغمض عينه ويسرح بخياله إلي أي مكان ، فالخيال بالنسبة له رحلات مجانية في كون شاسع مليئ بالمغامرات ، إذا أحب شئ أطلق العنان لخياله ويعيش كما يريد ، ويقول ما لم يستطع قوله في الواقع السخيف ، يقابل أشخاص يجلس معهم ويحكي عن أحلامه ويطلق العنان لتحقيقها ،
ليسقطه من بساط الخيال صوت أنثوي قائلا:
المكان اللي جنبك فاضي نظر إلي يساره ثم رجع بنظره إلي تلك الفتاة قائلاً بصوت منخفض  :
 آه أتفضلي
جلست الفتاة بجواره ونظر إلي الجهة الاخري ، مرت بضعت دقائق وقد شارف القطار علي الوصول إلي محطته مرت الدقائق سريعاً ، توقف القطار ونزل منه متجهاً إلي كليته ،
وصل الي أمام أحد المباني وأخرج هاتفه المحمول ونظر إلي شاشته فوجد أنه وصل مبكراً ،مرر الأسماء ثم ضغط علي زر الاتصال وضع الهاتف علي أذنه سمع صوتاً :
 أيوة يا فريد ، عارف إنك وصلت
طيب فينك ؟
ربعاية وأكون عندك
ماشي
سلام
فريد شاب متوسط الطول والحجم كذلك ذو بشرة قمحية وأعين عسلية ، شعره متوسط الطول أيضا ، في عامه الثاني من كلية الآداب قسم الفلسفة كما أحب أن يوجد وأن يكون بالرغم من مجموعه المرتفع إلا أنه أحب الفلسفة ووجد نفسه بها ، تعلم من الفلسفة الكثير ، لكنه وضع قاعدته الاولي ،
" ما الغرض من الفعل كذا ؟
 وما وراء ذلك ؟
"
حياته متغيره بعض الشئ ، لكنه ما زال صامداً علي قاعدته الاولي ، جلس علي مقعد منتظر صديقه وليد الذي كعادته متاخراً كما هو مشغول بهاتفه وبينما تمر فتاة من أمامه تنظر له بتمعن أنها تلك الفتاة التي جلست بجوارة في القطار ، لم يلاحظها وهي تنظر له وإلي ملامحه ، شعر بشئ يحدث عقله بأن يضع يده اليسري في جيبه الإيسر ، ادخل يده في جيبه ووجد ورقة صغيرة أخرجها ونظر إليها ذهل مما يراه ،
الورقة لونها يميل إلي الاصفرار وقديمة بعض الشئ ، وقد كتب عليها بخط لونه يميل الي السواد مكتوب بها
" لعلك السبب في مصير شخص أمامك "
رفع عينه فوجد فتاة ، توقفت امامه ثم تكلمت بتردد :
 لو سمحت متعرفش مبني الإدارة المركزية فين ؟
. نظر إليها وتذكر هذا الوجه الذي صادفه في القطار وإلي تلك العيون التي تحمل هاله السواد أسفلها والحسنة التي أسفل فمها وظن أنه قابل هذا الوجه من قبل كثيراً:
 – أيوة عارفه
ثم نظر إلي يده فلم يجد الورقة ، وتكلمت الفتاة مرة اخري :
طب معلش ، كنت عايزة اعرف مكانه أنا كمان
وقف من مكانه وادخل هاتفه المحمول في جيبه وقال لها:
هو مش بعيد أوي ، هوديكي هناك وارجع
شكرا ، هتعبك معايا
سارا بضعت خطوات متجهين الي ذلك المبني وأثناء سيرهم تحدث معها عما سوف تفعل :
هاتعملي ايه في مبني الادارة ؟
هحول من كليتي لكلية تجارة
نظر إلي حركة عينها ويدها ثم تكونت فكرة في عقله ، هزا رأسه بحركة بسيطة وقال :
كليتك ايه ؟ وهتحولي منها ليه ؟
كلية آداب ، هحول منها علشان بابا مش عايزني فيها وعايزني أخش تجارة
قالتها وهي تنظر بعيد عن عينه ، نظر مرة أخري إلي حركة عينها ويدها و حركة شفتها التي احدثتها عندما انهت كلامها
إحنا وصلنا المبني أهو ،، بس ممكن طلب صغير ، متحوليش دلوقت
ليه ؟
باختصار ، متعمليش حاجة تندمي عليها بعدين ، و واضح من كلامك إنك رافضة التحويل ومجبراً عليه
ايوة صح ، عرفت ازاي
ما علينا ، الموقف دا حصل مع اختي شبهه ....،
يقطع كلامه صوت هاتفه المحمول يخرج هاتفه ويرد علي المتصل :
ايوة يا وليد ، فينك؟
أنا وصلت أهو وبدور عليك مش لقيك
دقيقتين وأكون عندك
ماشي
سلام
يغلق هاتفه المحمول وينظر لها يجدها كادت ان تاكل شفتيها بأسنانها يقول لها :
علي العموم ، اعملي اللي هتحبيه ، واستحملي نتيجة قرارك مهما تكون ، وعيشي حياتك ومتعشيش حياة حد تاني ، الفرصة بتيجي مرة وحدة
. سمعت تلك الكلمات ولم ترد عليه وذهبت علي حافة الشرود لكنه قطعها قائلا :
انا همشي دلوقت ، المبني قدامك اهو
ترد عليه قائلا :
تعبتك معايا ، شكراً
العفو ، متعرفتش باسم حضرتك
رقية ،، رقية محمود
وأنا فريد ، تشرفت بحضرتك سلام
سلام
رجع إلي مكانه وإثناء سيره تذكر بعض من كلامه ،
' الموقف دا حصل مع أختي '
ما هذا؟ ، انا ليس عندي أخوة فتيات !!!
احقاً انا قولت هذا ؟
وإين اختفت تلك الورقة ؟
وما معني ما كتب فيها ؟
ومن إين أتت؟ ، ماذا يحدث لي ؟
ومن رقية تلك ؟
ظل عقله حائراً ، لم يجد إجابة لتلك الاسئلة ، لكل قاعدة إستثناء ، فكسر قاعدته وأراح عقلة وذهب إلي صديقة وليد الذي كان في إنتظاره ما أن يصل اليه يستقبله وليد كالمعتاد :
فريد أفندي ، ايه يا عم جاي في ايه وسافرت في ايه ومستنتنيش هنا ليه؟
يبتسم فريد له ويرد :
يا مراحب يا مراحب ، نورت المكان يا وليد باشا
يحتضنه ثم يجلسا علي مقعد ينظر له وليد قائلا:
خطة معالي السفير فريد اليومية
هنحضر المحاضرة دي وهنروح المكتبة هشوف حاجة
يادي المكتبة اللي هتزهقنا ، طب يلا قوم بينا نمشي ، فاضل عشر دقايق علي المحاضرة .
يذهب الأثنان إلي المحاضرة ويجلسا بجوار بعض ،
وليد شاب في نفس طول فريد يكاد أن يشبه تماماً إلا أنه دائما مبتسم ويفضل الضحك في اي شئ ، يظن أن الحياة مسرح ويعيش فيها بدوره ، صديقه منذ عامهم الاول في الكلية ،،
يمر وقت المحاضرة سريعاً ويخرج الاثنان ويتوجهان إلي المكتبة ….....
يدخل كلاهما المكتبة ويتجه فريد إلي احد الاقسام كأنه في بيته أمسك أحد الكتب وجلس وشرع في قراءة الكتاب سرح بعقله داخل الكتاب يتجول بين صفحاته بخفه الفراشة يمر بين الكلمات كنسيم الرياح فيكشف عن ما فيه من جمال وسحر ، وكلما وجد شيئاً غامضاً ورائعاً نظر إلي غلاف الكتاب ولامس بيده أسم الكتاب البارز وقد برزت حروفه بلون ذهبي راسمة
" فلسفة الروح " الكتاب الذي عشقه دائماً ، ثم يعود ادراجه إلي صفحات الكتاب البراقة ، وبينما يمر بين الصفحات وجد ورقة صغيرة كتب فيها
" لعل الموت قادم " ،
نظر الي الورقة وقال في سره لعلها مزحة ، لانه لا أحد يعرف شئ عن الموت فاغلق الكتاب ثم نظر الي صديقة فوجده غارق في عدد الكتب والارفف تعجب قائلا:
بتعمل ايه يا وليد ؟!
بسلي نفسي وبعد الكتب ، كسلت أقرأ قولت اعد لحد ما تخلص
واديني خلصت
عارف يا فريد لو تلفزيون ودش هنا في المكتبة ، هيكون أحسن من الكتب دي
ياض دماغك دي متركبة غلط ، يلا نمشي طيب .
وكأن شئ لم يحدث ، خرج الاثنان من المكتبة ، تجولاً قليلاً وأثناء سيرهم نظر أمامه ووجد سيارة مسرعة باتجاهماً تذكر الرسالة توسعت حدقت عينه نظر إليه صديقة ووجد نفسه لا إرادياً يقفز علي الرصيف المجاور لهم فاصطدمت السيارة بصديقة ،
فسقط علي الارض والدماء تسيل منه وجسده ملقي ، وأعين صديقه تعاتبه ، اسرع نحوه ، وحمله بين يده وجري به وظل يصرخ قائلاً :
أسعاف ، أسعاف ، حد يلحقنا !
جسد صديقه بين يديه ودموعه تتساقط من عينه بغزاره علي وجهه ولامست دموعه دماء صديقه وكانها تأبي الدموع علي مشاركته ألمه وهمس بصوت متشنج :
أنا آسف
لم يفهمه لماذا يتاسف ، لكنه سمع همس الكلمات في آذنه رغم ألمه العصيب ، توقفت سيارة لهم ، وحملوه ووضعوه فيها وذهبوا إلي المستشفي ، وصلت السيارة ثم أخرجوه وحملوه المسعفين الي الاستقبال بسرعة نظراً لحالته الخطيرة ، مرت عدة دقايق كأنها ساعات مملة ،
دار في عقله إنه السبب في حادث صديقة لإنه لم يخبره عن الرسائل ، وجد شعور داخلي يخبره بأن يركض ، أستسلم لهذا الشعور وركض مسرعاً ،
خرج الطبيب ليخبره أن صديقة رحل الي ربه ، فلم يجده ،
ما زال يركض مسرعاً صعد علي سلم البناء راكضاً إلي أن وجد نفسه علي حافة مبني ما علي ارتفاع شاق ، لم يجعل لعقله أن يفكر وقفز لإسفل ، في الثواني القليلة أثناء سقوطه وجد ورقة أمام عينة قد كتب فيها
" ليس كل ما تراه حقيقة "
سقط علي الارض ، قفز مفزوعاً من نومه علي صوت هاتفه المحمول ما زالت الكوابيس تلاحقه ، لا يجد مفر منها ، أختلفت الكوابيس لكن النهاية واحدة دوماً وهي الفزع ،
ما زال الهاتف يرن بصوته المزعج فتباً لتلك الهواتف ، ضغط زر الرد فسمع صوتاً :
الو يا فريد ، أنا مش جاي الشغل النهاردة ، معايا كام مشوار كدة .
تذكر صديقه وحججه الدائمة بالتغيب فلقد تعود علي ذلك
ماشي يا وليد هتصرف أنا
سلام .
وضع الهاتف بجواره ونظر إلي زوجته والحسنة التي أسفل فمها وأبتسم لذلك الوجه الملائكي والاعين التي حملت هاله السواد ، ثم أرجع رأسه الي الوراء
وأغمض عينه
أغمضها تماماً ..
تمت
الكاتب : سيف الإسلام عبد الرحيم
22سنة
طالب بكلية التربية قسم الرياضيات عام ,

أول اعمالي رسائل القدر قصة قصيرة
للتواصل :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا على الفيس بوك

آخر التعليقات

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *